إدريس هشابه يكتب.. ملف الحج والعمرة: قنبلة موقوته

ظل ملف الحج والعمرة في السودان قضية موسمية تتجدد كل عام بتفاصيل متشابهة ومتكررة، حيث تقفز على سطح الأحداث في شكل احتجاجات عن سوء الخدمات المقدمة للحجاج السودانيين. في موسم الحج 2024، الموافق لعام 1446هـ، وعقب تكليف الأستاذ سامي الرشيد أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للحج والعمرة، بدأت حملة مضادة مبكرة.
بداية الحملة المضادة
دارت الكثير من الانتقادات حول موضوع اختيار الناقل (الباخرة)، ونسجت خيوط المؤامرة بدقة متناهية. ولكن بعد تكليف لجنة تحقيق حول الأمر، تبين أن رئيس المجلس كان محقًا فيما اتخذه من إجراءات. حيث اتضح أن أصحاب الباخرة المنافسة، التي كانت ضمن منظومة المؤامرة، لا يملكون أي بدائل حال تعطل باخرتهم، مع العلم أن نقل الحجاج مرتبط بمواقيت زمنية محددة مع المملكة العربية السعودية.
نجاح موسم الحج
انتهت قضية الباخرة التي كانت تُدار سيناريوهاتها من قبل جهات متنفذة داخل الدولة، ومضى موسم الحج بشكل سلس وفقًا لإفادات الحجاج أنفسهم عبر الرسالة اليومية عبر تلفزيون السودان والمنصة الرئيسية للحج والعمرة وقناة الزرقاء وعدد من المواقع الإلكترونية. حتى موعد انتقال الحجاج إلى منى، فجأة ودون مقدمات، ظهر المشرف الإداري للحج والعمرة في فيديو مع شخصين وهما يحتجون على قلة دورات المياه بمشعر منى.
الحملة الكورالية
تبع ذلك حملة كورالية متتابعة سقط فيها صحفيون كنا نحسبهم كبارًا، قدحًا في أداء المجلس دون أن يكون بين أيديهم دليل واحد على صحة اتهامتهم. فما كان من الحكومة إلا أن كلفت قنصل عام السودان بجدة للوقوف على حقيقة الأوضاع. ظهر القنصل في الإعلام وسجل إفادات بالصوت والصورة، وأشاد بجهود المجلس الأعلى للحج والعمرة وجهود الأمين العام للمجلس، سامي الرشيد، في إنجاح موسم الحج وتجاوز تحديات الحرب وتداعياتها على كل مؤسسات الدولة.
التحقيق الرسمي
تبع ذلك تحقيق رسمي برأ إدارة المجلس من شبهة الفساد براءة الذئب من دم أم يعقوب. وفي إطار صلاحياته وسلطاته المخولة له قانونًا، قام الأمين العام للمجلس بإجراء تنقلات داخلية للموظفين، ليتبين أن الشارع السوداني تفاجأ بتعطيل هذا الإجراء وإيقافه من قبل وزير الأوقاف في تدخل سافر في شأن داخلي من قبل الوزير.
القرارات المتضاربة
جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وتفهم الوزير القرارات التي اتخذها الأمين العام، وبدأ الأمين العام في ممارسة مهامه. ليأتي رئيس الوزراء بقرار جديد بتعطيل الأمين العام ومنعه من ممارسة صلاحياته، بايعاذ من قنصل جدة الذي لحس إشادته السابقة ووضع يده مع المدير الإداري الذي رفض تنفيذ قرار النقل في مشهد عبثي وفوضوي لا يحدث إلا في السودان.
لا نزال نتعشم في أن تكون حكومة كامل إدريس ملتزمة بالمؤسسية وسيادة حكم القانون. لكن يبدو أن الرهان ليس في مكانه، طالما أن منظومة الفساد القحطية ما زالت تمسك بتلابيب مفاصل الدولة.