أخبار عاجلةمقالات

إلى قادة بلادي

 

يا من تحملون أمانة هذا الدين قبل أمانة السلطة، يا من تقسمون بالله أن تصونوا شعائر الله وتحفظوا كرامة هذا الشعب، إن ما يحدث اليوم في بورتسودان ليس مجرد خطأ إداري عابر، ولا اختلاف في وجهات نظر يمكن تسويته بالترضيات، بل هو خنجر مسموم وُجّه إلى قلب العقيدة، إلى الركن الخامس من أركان الإسلام، إلى شعيرة الحج التي نادى بها خليل الله إبراهيم عليه السلام فأجابته البشرية من كل فج عميق. إنها مؤامرة دنيئة، صنعتها عقول مريضة، وتآمرت بها نفوس حاقدة، جمعتها كلمة واحدة: الكراهية لسامي الرشيد أحمد، الرجل الذي حمل على عاتقه أمانة الحج والعمرة في السودان وأدى حقها بصدق وإخلاص.
مضى أسبوع كامل منذ انفجرت الفضيحة المسماة قرار الإيقاف، ذلك القرار الذي جاء بعد طبخة نتنة أُعدت في دهاليز المكر والخداع، خلطوا فيها الكذب بالبهتان، والتضليل بالمعلومات الملفقة، حتى زينوها وأخرجوها في طبق نتن تفوح منه روائح الافتراء، وقدموها إلى أعلى هرم السلطة التنفيذية، فأوهموا فخامة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس بأن ثمة تجاوزات وخروقات، والحقيقة التي يعلمها القاصي والداني هي أن المستهدف الوحيد في هذه المسرحية هو الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة الأستاذ سامي الرشيد أحمد، الرجل الذي كان شوكة وغصة في حلوقهم لأنه سد أبواب الفساد في وجوههم، وأغلق نوافذ الرشاوى والكومشنات التي طالما حلموا بها، وقطع الطريق أمام أطماع دنيوية لا تمت للدين ولا للأمانة بصلة.
إنها يا قادة وطني حرب قذرة شنها الحاقدون والحاسدون، وأصحاب الأجندة السوداء، الذين رأوا في نزاهة هذا الرجل تهديدًا مباشرًا لنهبهم وسرقتهم، فاجتمعوا على كلمة واحدة، الإطاحة بسامي الرشيد بأي ثمن. ولم يجدوا سوى الافتراءات سلاحًا، يلفقون بها التهم، ويروجون الأكاذيب، ويصنعون الوهم في سراديب حالكة السواد تدار فيها مؤامرات على مستوى لا يقل عن الخيانة العظمى، لأن من يعبث بشعيرة الحج إنما يعبث بالإسلام كله.
أيها السادة المبجلون، إن الذين دبروا هذه المكيدة لم يكتفوا بالتآمر على رجل شريف، بل عرضوا شعيرة الحج للخطر، وأوقعوا حجاج السودان في مأزق قد يؤدي لأول مرة في تاريخ هذا البلد إلى تغييب الركن الخامس من أركان الإسلام عن شعب مسلم عرف عنه الحرص على الفريضة منذ عهود ساحقة وضرب أكباد الإبل لبلاد الحجاز وأرض الحرمين الشريفين ومهبط الوحي، ومرقد خير البشرية.
وفي الوقت الذي أكملت فيه جميع بعثات الحج في العالم الإسلامي ترتيباتها، وحجزت مساكن حجاجها ومخيماتهم، وأمنت لهم الإعاشة والنقل والخدمات، نجد السودان اليوم في ذيل القائمة، حائرًا مرتبكًا، لأن حفنة من المرتشين أوقفت قاطرة الإعداد للحج في محطة المؤامرة.
هل يعلم هؤلاء المارقون ماذا فعل سامي الرشيد منذ حمله لأمانة التكليف؟ لقد أحدث ثورة في ملف الحج السوداني، أدار هذه الشعيرة بقداسة قبل أن يديرها كإجراء إداري، أعاد الانضباط للموسم، وقطع دابر الفوضى التي كانت تعصف بالبعثات، حافظ على حقوق الحجاج وصان أموالهم، أغلق أبواب السمسرة، وأوقف نزيف الأموال الذي كان يذهب إلى جيوب السماسرة والوسطاء. في عهده عادت للمجلس هيبته، وللحج السوداني سمعته بين بعثات العالم الإسلامي، وهو الذي رفع رأس السودان عاليًا أمام السلطات السعودية التي أشادت به وكرمته لالتزامه الصارم بالأنظمة واللوائح.
هذا الرجل لم يرضخ للضغوط، ولم يخضع للابتزاز، ولم يساوم في أمانته، فماذا كان جزاؤه؟ أن تتآمر عليه عصابة تحركها شهوة المال، ويدفعها الطمع في الرشاوى والاختلاسات، وتغريها الكومشنات التي حرمها عليهم، لأنه كان يرى الحج عبادة لا سوقًا، شعيرة لا صفقة. فقرروا إزاحته عن كرسيه حتى يخلو لهم الجو، وليذهب الدين إلى الجحيم، ولتضيع الفريضة، وليبكِ الحجاج في صمت، المهم أن تنتفخ كروشهم من المال الحرام.
إنها مأساة، مأساة أن نصل إلى هذا الدرك من الانحطاط، أن نصبح على شفا إلغاء موسم الحج لشعب بأكمله بسبب مؤامرة لا علاقة لها بالوطن ولا بالدين، مؤامرة دُبرت بليل مظلم، على طاولة يجلس عليها الشيطان ليوزع الأدوار.
لذلك، نخاطبكم يا قادة السودان، يا سيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، يا نائب الرئيس السيد مالك عقار، يا رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، يا كل حادب على مصلحة الدين والوطن: تحركوا قبل فوات الأوان، لا تجعلوا التاريخ يكتب أن الركن الخامس غاب عن السودان في عهدكم، لأنكم صمتم أمام عصابة مارقة. أعيدوا الأمور إلى نصابها فورًا، ومكّنوا الأمين العام الأستاذ سامي الرشيد من العودة إلى موقعه ليكمل ما بدأه من عمل مشرف، وحاسبوا كل من تجرأ على هذه الجريمة في حق الدين والوطن، وطهروا مؤسسات الدولة من هذه الطفيليات التي جعلت من الحج موردًا للنهب لا سبيلًا إلى الجنة.
إننا نستصرخكم ألآ تتهاونوا ، فإنها ليست قضية سياسية، بل قضية شعيرة، قضية دين، قضية أمة بأكملها، ومن يستهين بها سيكتب التاريخ اسمه في سجل الخزي والعار، وستلاحقه دعوات المظلومين إلى يوم الدين.
اللهم هل بلّغنا؟ اللهم فاشهد.
*فرتاك حافلن، ملياي سروجن دم*

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى