ازمة صحية حادة في السودان: كيف نجح المواطنون في تلقي العلاج وسط الحرب ونقص الأدوية؟

تقرير: مصعب عبدالله
في ظل الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين، يعيش ملايين السودانيين اوضاعاً صحية توصف بـ(الكارثية) مع توقف اكثر من 60% من المستشفيات في مناطق النزاع وعجز النظام الصحي عن تلبية ادني الاحتياجات الطبية. الارقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية الي ان اكثر من 70% من المرافق الصحية في المناطق المتأثرة بالحرب خرجت عن الخدمة كلياً او جزئياً.
دمار واسع في المرافق الصحية
تسببت العمليات العسكرية في تدمير مباشر لما لايقل عن (35) مستشفي ومرفق صحي في مناطق مختلفة من البلاد، بينها الخرطوم، الفاشر،نيالا،ودمدني، كما تعرضت العشرات من العيادات الصغيرة للنهب والتخريب ما زاد من معاناة المواطنين الباحثين عن العلاج.
ويقول الدكتور احمد صديق :أحد الاطباء الذين عملوا في المستشفيات الميدانية لـــ”البلد نيوز”:” المستشفيات اصبحت عاجزة تماماً لاتتوفر أدوية الضغط او السكري، والمرضي يرسلون لمنازلهم بلا علاج واضاف ان الوضع في الخرطوم ” كارثي بكل المقاييس”.
نقص الدواء والمعدات تواجه البلاد نقصاً حادا في الادوية والمستلزمات الطبية، خاصة ادوية الامراض المزمنة والمعدية، التقارير الصادرة عن وزارة الصحة الاتحادية اكدث ان المخزون الاستراتيجي من الادوية الاساسية قد نفد في الربع الاخير من عام 2024 مما جعل المستشفيات تعتمد علي التبرعات والجهود الفردية.
كما افادت منظمة أطباء بلا حدود بان عدد الاصابات الناتجة عن المعارك تضاعف خلال الستة الاشهر الماضية في وقت تشهد فيه المرافق عجزاً بنسبة 80% من الامدادات الطبية الاساسية.
نزيف في الكوادر الطبية
اضطر اكثر من (3)ألآف طبيب وممرض الي مغادرة مناطق الحرب سواء عبر النزوح الداخلي او الهجرة للخارج بحسب بيانات غير رسمية وقد تسبب ذلك في شلل جزئي للقطاع الصحي مع تزايد الاعتماد علي كوادر متطوعة ومتدربة حديثاً. وتقول مصادر طبية في ولاية الجزيرة الكوادر المتبقية الان تعمل لساعات طويلة بلا تعويضات.
الطب الشعبي يعود للواجهة
وفي ظل غياب النظام الصحي عاد الطب التقليدي ليحتل المشهد خصوصا في السنه الاولي للحرب تقول تماضر محمد من سكان الجزيرة ” لـــ”البلد نيوز” فقدنا الامل في المستشفيات لجأنا للاعشاب والعلاجات البلدية خاصة في علاج الحمي والالتهابات”
فيما اكد نور الدين من دارفور ان منطقته لم تشهد وجود طبيب منذ شهور، وان السكان يعتمدون فقط علي الاعشاب والعيادات المتنقلة التي يشرف عليها معالجون شعبيون”.
مساعدات انسانية محدودة
رغم الجهود التي تبذلها المنظمات الانسانية، الا ان الوصول الي المناطق المتاثرة بالحرب يواجه تحديات امنية ولوجستية كبيرة، وفي تقرير صادر عن “اليونيسف” أوضح ان 45% من المستشفيات في مناطق النزاع تعرضت لتدمير كلي، فيما تعجز الأغاثة عن الوصول لاكثر من 40% من المحتاجين للرعاية.
تحذيرات من تفشي الأوبئة
منظمة الصحة العالمية حذرت من تفشي الاوبئة في السودان خلال الشهور القادمة اذا لم يتم التدخل العاجل، واشارت تقاريرها الي مخاوف من انتشار امراض مثل الكوليرا، والملاريا، والحصبة، خاصة وسط النازحين الذين تجاوز عددهم (9) ملايين شخص حتي نهاية مارس 2025.
الوضع الان في السودان ينذر بكارثة مالم يتخذ خطوات عاجلة لاعادة تاهيل المرافق الصحية وتوفير الادوية والكوادر ويدعوا اطباء ومواطنون الحكومة والمجتمع الدولي لتكثيف الدعم.