التفاؤل
هو الاعتقاد في أن الأمور ستسير بشكل إيجابي وأن هناك أمل لتحقيق النجاح والسعادة.. التفاؤل مبعثه الإيمان والثقة في الله عز وجل على العون في التغلب على الصعاب وتحقيق النجاح.
التفاؤل يحفز على البحث عن الفرص والحلول والتفكير الإيجابي في المستقبل ورؤية الصعوبات كفرص للتعلم والنمو والاعتقاد بأن الفشل هو جزء من الطريق نحو النجاح..التفاؤل يدفع في إتجاه
التعبير عن الآمال والتطلعات للمستقبل والبحث عن الجوانب الإيجابية في كل موقف.. التفاؤل نقيض التشاؤم الذي يدعو للنظر إلى الحياة بشكل سلبي والتوقع بأن الأمور ستكون أسوأ وفقدان الثقة في إمكانية تحقيق النجاح والتطور والتقدم في كل مناحي الحياة.
عندما أخفق “توماس أديسون” أكثر من ألف مرة أثناء رحلته في اختراع المصباح الكهربي، لم ييأس بل استمر في المحاولة، فكان هناك دافع له وهو الأمل في تحقيق النجاح وعندما نال مراده
قال عن تجاربه الفاشلة التي كادت أن تؤدي به إلى ترك حلمه:”إني لم أفشل ألف مرة، بل وجدت ألف طريقة لتصحيح أخطائي، أنظر إلى مدى نظرته التفاؤلية ومدى الأمل الذي كان يعيشه
طالما كان هناك نجاح ينتظره في نهاية المشوار،فما بعد العتمة إلا إنبلاج الفجر بنوره والشمس بإشراقها.
الإسلام يحث على التفاؤل والثقة بالله عز وجل ويشجع على النظر إلى الجوانب الإيجابية في الحياة والتفاؤل بالخير وينهى عن التشاؤم، يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” (آل عمران 139)، قال أبو جعفر: وهذا من الله تعالى ذكره تعزيةٌ لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أصابهم من الجراح والقتل
بأحد.قال: ” ولا تهنوا ولا تحزنوا “، يا أصحاب محمد، يعني: ولا تضعفوا بالذي نالكم من عدوكم بأحد، من القتل والقروح، عن جهاد عدوكم في حربكم، “وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين “،
هنا يحثهم على قتال عدوهم وينهاهم عن العجز والوَهن في طلب عدوهم في سبيل الله، إنها الدعوة للتفاؤل، ثقة بنصرة الله تعالى لعباده المؤمنين،”إن مع العسر يسرا” (الشرح 6).
ويقول تعالى: “وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ”، ومن معاني الظلمات التي قد يستشعرها المؤمن فيه حياته؛ أنه ضائع أو مبتلىً وكل إنسان في هذه الحياة معرض للبلاء،يقول أحد
العارفين:”البلايا مطايا العطايا”، أي ما البلاء إلا مطية أو دابة إلى العطية والمنحة جزاء الصبر على المحنة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التفاؤل وما يحمل معناه بصوره كافة، ويكره التشاؤم وما يحمل معناه بصوره كافة وهذا كثير متواتر عنه صلى الله عليه وسلم،من صوره:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء سهيل بن عمرو وقد أرسلته قريش للمفاوضة، قال: “لقد سَهُل لكم مِن أمْرِكم” .
ومن صوره أيضاََ، تفاؤله صلى الله عليه وسلم وبِشْرُه وتبسمه، فعن جرير رضي اللهُ عنه قال:”ما حجَبَني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُنذُ أسلَمْتُ ولا رآني إلَّا تبسَّمَ في وَجهي ولقد شكَوتُ إليه
أنِّي لا أثبُتُ على الخَيلِ، فضَرَب بيَدِه في صدري وقال: اللَّهُمَّ ثَبِّتْه واجعَلْه هادياََ مَهْدِيًّا”، التبسم والتبسط في الحديث والتفاعل مع الناس
وتوطئة الأكناف، أي أن تكون سهل الجانب لا متكبراََ متغطرساََ متعنتاََ، بل متواضعاََ، فكل ذلك يفتح طريقاََ للتفاؤل ويعزز الثقة.
قال”مكنف بن معاوية” :
ترى المرءَ يأملُ يُرى * ومن دونِ ذلكَ ريبُ الأجلْ
وكم آيسٍ قد أتاه الرَّجا * وذي طمع قد لواهُ الأملْ
التفاؤل فن تصنعه النفوس الواثقة بفرج الله.