*الجنينة..بين مكارم والقمة وسوق العطور*

الجنينة:البلد نيوز
(السلام سمح) هو الشعار الذي رفع في حاضرة غرب دارفور “الجنينة” بعد صراع دامي بين مكونات الولاية الشهور الماضية ،انتهي مع زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دقلو “حميدتي” الي الولاية ومكث فيها ايام عديدة ربما تعتبر هي الاطول لمسئول سيادي في الولايات ، ونجح حميدتي خلال تلك الزيارة من قيادة المصالحات والاتفاقيات لوقف الحرب بين مكونات الولاية المختلفة وتوجت هذه الاتفاقيات بمهرجان الجنينة للسلام
والذي شارك فيها العديد من مكونات السودان بمختلف سحناتهم وابداعتهم الثقافية والرياضية لتشهد مدينة الجنينة اكبر حضور تشهده الولاية في تاريخها، وفي هذه المساحة ترصد بعض المشاهدات والصور من قلب مدينة الجنينة.
*الاجواء عنوان بارز
منذ هبوط طائرة تاركو على مدرج مطار الشهيد صبيرة والغيوم الممطرة لم تفارق المدينة، وعلق احد الزملاء بعد ان شاهد السحب السوداء قائلاً “اذا والي الخرطوم شاهد مثل هذه السحب في عاصمته سيصاب بالهلع والخوف من الامطار القادمة” بيد ان الجنينة تختلف عن الخرطوم وغيرها من الولايات لوجود تصاريف مياه طبيعية فاذا هطلت الامطار لعشرة ساعات فتأكد انك لن تجد مياه راكدة في الشوارع والطرقات هذا الي جانب ارضيه الرملية المتصالحة مع الامطار.
*مابين فضيل ومكارم
في مساء نفس يوم الوصول كان المهرجان الثقافي الضخم في استاد الجنينة الذي لبس حله زاهية ادهشتنا جميعا، وعلى الرغم من زيارتي العديدة لهذه المدينة لكن هي المرة الاولي التى اشاهد فيها استاد الجنينة من الداخل ،لم تكن حركة الوفد الاعلامي صعبة للوصول للاستاد رغم الامطار الكثيفة التى شهدتها المدينة في نفس يوم الوصول وظلت مستمر برزازها المنعش داخل الاستاد، وبعد جلوسنا على حافة الملعب في المكان المخصص للوفد الاعلامي كان وصول فرقة فضيل بكامل نجومها ومعهم الفنان الرائع محمد المهدي الفادني وشاعر البطانة البشري فوجدزا الترحيب الحار من الجمهور ولكن الترحيب الاكبر والذي صحبه علو الاصوات كان للفنان مكارم التى رحبت بجمهوره بحرارة وحتى عند فقرة العرض وجدت الفنانة مكارم تصفيق حار، احد المواطنين كان يجلس خلفنا بعد السياج الفاصل بين الملعب والمدرجات ظل يردد باستمرار “نحن بنحبك يامكارم” الطريف انه حتى عند عرض الفقرات الاخري من المسرحيين كان يقول “عرضكم سمح لكن نحن بنحبك يامكارم” وبعد انتهاء فقرتها توجهت مكارم نحو هذا الشاب وماجاوره من جمهور لتحيتهم والتقاط صور السليفي معهم.
*فرح القمة
في اليوم الثاني للمهرجان كان جمهور الجنينة منذ وقت مبكر داخل الاستاد للاستمتاع بقمة الكرة السودانية الهلال والمريخ في مباراة كاس السلام،لم يكن هناك موضع قدم خالي في الاستاد واجمل مافي المباراة الروح الرياضية الكبيرة بين اللاعبين خاصة قبل انطلاقتها وكذلك بعدها حيث المرر الذي شكله لاعبي المريخ للهلال لاستلام الميداليات الفضية وعند استلام جائزة نجم المباراة جري حديث خافت بين حميدتي والغربال احد الظرفاء قال بيكون يقنع فيه العودة للمريخ بعد انتهاء الاستاد.. ،وبين شوطي المباراة كان هناك عدد من الجمهور في الجهة الشرقية من الملعب يهتف “مدنياااا” فنزل نائب رئيس مجلس السيادة الفريق دقو لمخاطبت الجمهور وقبل ان يبدا هتف معهم “مدنيااااا” وقال في كلمته ان هذا المهرجان من اجل السلام في دارفور وسلام كل السودان في ولاياته المختلفة ونبه الي ان السودان ليس ملك للعساكر ولا للاحزاب فهو للجميع واضاف انهم الان ينتظرون اتفاق القوة السياسية لاختيار حكومة مدنية للفترة الانتقالية والوصول الي انتخابات، حميدتي كان يرتدي زي رياضي ابيض اللون مما جعل بعض الحضور يصنفه بانه من محبي الهلال فيما قال البعض ان حميدتي اراد بارتداء اللون الابيض ارضا اهل القبيلة الزرقاء خاصة بعد تبرعه في تاهيل استاد المريخ.
*اسواق الجنينة
ربما هي المرة الاولي التى تشهد فيها مدينة الجنينة هذا العدد الكبير من الضيوف وهذا الحضور انعش اقتصاد الولاية في كل شي فلم يكن هناك فندق او استراحة خالية لوم تكن الاسواق خالية ، وربما تكون هذه واحدة من اهم فوائد هذا المهرجان فانعاش الاسواق من الضيوف حرك الركود الذي شهدته المدينة اثناء فترة الصراع،لكن اكثر مالفت الانتباه هو النازحين الذين استغلوا المدارس والوزرات في سكنهم وبعضهم انشاء اسواق جوار هذه المساكن،سالت احدي بائعات الشاي في سوق الجنينة عن رائها مايحدث هذه الايام في الجنينة فقالت لي “السلام سمح” كلنا بندور السلام وزهجنا من الحرب والنزوح وسالتها عن الفرق في دخلها في السابق والان فقالت لي طبعا الايام دي افضل كثير لان الضيوف كثرين، وكذلك الحال كان في سوق العطور في المدينة وقال لي التاجر عثمان ان بيع العطور هذه الايام لم نشهد مثله في الوقت القريب واوضح ان المهرجان احدث حراك كبير في سوق العطور والكريمات ، وخلال تجوالنا في هذا السوق شاهدنا لاعبي الهلال والمريخ وهما يشترون الهدايا فداعبناهم ببعض الكلمات والتقطنا معهم عدد من الصور.
*عودة طوعية
خلال تجوالنا في المدينة كان اكثر مايلفت انتباهنا هو الاعداد الكبيرة للنازحين في المدينة حيث يسكنون في الوزرات وبعض المدارس ،فسالت احد السياسيين البارزين في الولاية وفضل عدم ذكر اسمه عن حل معضلة هولاء النازحين فقال”للبلد نيوز” ان هولاء هربوا من ويلات الحرب والقتال الذي كان في مناطقهم والان يجب التفكير جديا في عودتهم لديارهم بعد اعمارها واضاف ان هذه العودة يجب ان تكون بترتيب مسبق من المسئولين وهولاء الموطنين باعتبار ان جل ديارهم دمرها الصراع فلابد من تهيئة منازلهم واسواقهم حتى يعودوا لمناطقهم والاسهام بصورة كبيرة في رفد الاقتصاد من خلال زراعتهم ورعيهم واشار هذا القيادي الي ان عدم عودة النازحين الي ديارهم سيجعل هذا السلام والمصالحات منقوصاً ويجب اكمالها بترتيبات العودة الطوعية للمواطنين والذين لايريدون العودة يجب ان يتم تخطيط مدن لهم في الجنينة حتى يحفظوا شكل المدنية من هذا المنظر الغير مقبول.