أخبار عاجلةمقالات

الحنين

 

هو شوق وتوق وصبوة.. الحنين شعور عميق بالحزن أو الشوق لشخص أو مكان أو زمان في الماضي،قال “عمرو بن كلثوم” في معلقته

المشهورة: “تذكرت الصبا واشتقت لما رأيت حمولها أصلاََ حدينا.. فما وجدت كوجدي أم سقب أضلته فرجعت الحنينا”، أي لم تحزن تلك الناقة

التي ضلت عن مولودها، كحزني الشديد عند تذكر أيام الصبا والصبابة وذلك عندما رأى الشاعر موكب الظعائن مقبلا فهاجت أشجانه.

 

الحنين قد يكون إلى الذكريات السعيدة أو الحزينة والرغبة القوية في العودة إلى تلك اللحظات أو الأماكن والحنين قد يكون الشوق

للوطن أو المكان الذي نشأ فيه الشخص والحنين قد يكون لشخص عزيز على القلب وهناك حنين الطفولة حيث الشوق للأيام البريئة والسعيدة في عهد مضى ويوجد أيضاََ الحنين إلى الماضي

 

، حيث الأحداث والأوقات التي مرت قديماََ ومن ضروب الحنين كذلك الحنين إلى المكان أو بيئة معينة وكثير منا يحن لذكرى محددة أو لحظات سعيدة سابقة مرت في الحياة.
نجد أن الأدب العربي قد وثق للحكايات التي تبرز الحنين للأزمنة والأمكنة والشخوص ومن أشهر قصص الحنين العربية رواية “الأيام” لطه حسين و “الأوراق المتساقطة” لجبران خليل جبران وكتاب “ذكرياتي في البادية” لحسن نجيلة و من

“نافذة القطار” للبروفيسور عبدالله الطيب ورواية “سواق البلاط” لغسان كنفاني والسفر التاريخي ” تاريخ حياتي” للشيخ بابكر بدري وغيرها العديد

من الروايات والكتب التي تتحدث عن الذكريات وتسترجع الحنين إليها.
الحنين قيمة إنسانية سامية تعكس الروابط العاطفية والذكريات الثمينة التي تشكل جزءاََ من هويتنا وتاريخنا،الحنين يعكس نبل الإنسان

ويقوي الروابط العاطفية والقدرة على التأمل والتقدير للذكريات والعلاقات القديمة والشخص الحنين عادة ما يكون حساساََ وحالماََ، يتمتع بقدر كبير من العمق والذكاء العاطفي والقدرة على التعبير عن مشاعره بصدق.

الإسلام يهتم بالعلاقات العائلية والاجتماعية ويحث على الذكريات الطيبة والتأمل في النعم التي منحها الله سبحانه وتعالى ومن الممكن أن تفهم بعض النصوص على أنها تشجع على الحنين

إلى الأوطان والأقارب، لكن يجب فهم هذا في سياق مفهوم الولاء والبراء في الإسلام، فالولاء لغة يطلق على عدة معان منها: المحبة والنصرة والاتباع والقرب من الشئ والدنو منه والبراء

يطلق على عدة معان أيضاً منها: البعد والتنزه والتخلص من العداوة، مفهوم الولاء والبراء يشير إلى الانتماء والولاء لله ورسوله ولمبادئ الإسلام

ورفض الارتباط بالشرك والمعصية وكل ما يخالف تعاليم الدين الحنيف، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار” والإسلام

يحث على التكافل والتعاون والرحمة تجاه الآخرين، يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله:”فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ

وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ۚ إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُتَّوكِّلِين” (آل عمران: 159)، الفظ هو الجافي وهو عكس

الحنين وغليظ القلب هو قاسي القلب، غير ذي رحمة، المعنى أنك لو كنت جافياََ قاسي القلب لانفض الناس من حولك ولكنه رسول الله صلى

الله عليه وسلم، كان هيناََ لين الجانب، لذلك بلغت رسالته الآفاق، لأنها رسالة خير ورحمة، يقول تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” (الأنبياء: 107).

الحنين مقرون بالرحمة والعطف والشفقة، فعندما نشعر بالحنين إلى والدينا الذين يعيشون بعيداََ عنا، فإن ذلك يرتبط برغبتنا في رؤيتهم

والاطمئنان عليهم وان كانوا قد توفاهم الله عز وجل، استغفرنا لهم ودعونا لهم بالرحمة وهذا من باب بر الابن لوالديه ويقع ضمن عمل الميت

المستثنى من الانقطاع بعد موته، “الولد الصالح” الذي يدعو له، كل ذلك يظهر ويعزز مشاعر الرحمة والعطف نحوهم وعندما نشعر بالحنين إلى

الوطن، فإن ذلك يعكس رغبتنا في العودة إلى مكان كنا نشعر فيه بالأمان والانتماء وهذا يدل على الارتباط العاطفي والرحمة تجاه الوطن وذكرياته..الحنين رحمة وعطف وانتماء.

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى