أخبار اقتصاديةأخبار عاجلة

“الخير” في الجزيرة: من معركة التحرير إلى تحدي الخدمات والتعمير

 

تقرير:عاصم الأمين

مدخل استقصائيً

بعد تحرير ولاية الجزيرة من قبضة مليشيا أسرة دقلو الإرهابية، برز سؤال جوهري لدى الرأي العام: هل انعكس التحرير فعلياً على حياة المواطنين وخدماتهم الأساسية؟ هذا التقرير يستقصي، عبر تتبع الوقائع المعلنة، وزيارات ميدانية، وشهادات محلية، حجم التحوّل الذي شهدته الولاية في ملفات الأمن، الصحة، المياه، الكهرباء، التعليم، والبنية التحتية، تحت إدارة حكومة الولاية بقيادة الوالي الأستاذ الطاهر إبراهيم الخيرً.

الأمن أولًا… كيف أُعيدت السيطرة على الولاية؟

تشير المعطيات إلى أن حكومة ولاية الجزيرة جعلت من الملف الأمني مدخلاً لبقية الإصلاحات، حيث قادت عمليات تأمين المدن والمحليات بالتنسيق مع القوات النظامية، مع استمرار الاستنفار واعتبار ما جرى جزءً من معركة الكرامة الوطنيةً.

مصادر محلية أفادت بعودة الحركة الطبيعية للأسواق والمؤسسات الحكومية بعد بسط الأمن، ما يؤكد أن الاستقرار لم يكن مجرد إعلان سياسي، بل خطوة عملية مكّنت من إطلاق برامج الإعمار والخدماتً.

النظام الصحي… أرقام فقط أم تحسّن ملموس؟

أعلنت حكومة الولاية إعادة تأهيل ٧٥٠ مركزاً صحياً ومؤسسة علاجيةً، وهو رقم يطرح تساؤلاً مشروعاً : كيف انعكس ذلك على المواطن؟

التحقّق الميداني يُظهر عودة المستشفيات الرئيسة للخدمة، من بينها مستشفيات الحوش، الحاج عبد الله، وود النعيم، مع توفر خدمات الحمل والولادة والطوارئً. كما تم تركيب محطة أوكسجين بالمناقل، وإنشاء مراكز لغسيل الكلى بدعم شعبي ومنظمات دولية مثل اليونيسيفً.

وتؤكد مصادر بوزارة الصحة أن استقرار الكوادر الطبية وتوفر الأدوية والإمدادات جاء رغم تحديات النزوح والهجرة، وهو ما يعزز مصداقية التحسّن المعلنً.

وتجدر الإشارة هنا إلى ما تم في مجال الحماية الصحية وتعزيز الشراكة في هذا الاتجاه لتتوفر خدمات التأمين الصحي في معظم المراكز والمؤسسات الصحية والتمديد لادخال شرائح جديدة كالمزارعين والحرفيين وطلاب الجامعات تحت مظلة التأمين الصحي.

إلى ذلك عملت حكومة الولاية على توفير وحدات الطاقة الشمسية لتشغيل المراكز والمؤسسات الصحية لتعويض ضعف الإمداد الكهربائي.

مياه الشرب… هل انتهت أزمة العطش؟

ملف المياه كان من أكثر الملفات تضرراً خلال الحرب، حيث تضررت آلاف المحطات. وتكشف بيانات حكومة الولاية عن إعادة تأهيل أغلب محطات المياه، مع إدخال الطاقة الشمسية كحل مستدام في المناطق الريفيةً حيث كثفت حكومة الخير من جهودها في توريد وحدات الطاقة الشمسية لتشغل محطات المياه .

عودة محطة مياه ود مدني الرئيسة للعمل بطاقة عالية ساهمت في تقليل الاعتماد على المصادر غير الصحية، وهو ما أكده مواطنون في أحياء عدة، رغم استمرار التحديات في بعض القرى الطرفيةً.

الكهرباء… عصب الاقتصاد العائد للحياةً

إعادة التيار الكهربائي لم تكن مجرد خدمة منزلية، بل خطوة مفصلية لإحياء الاقتصاد. فقد تم إدخال محولات جديدة بمحطات مارنجان، مدني شرق، مدني غرب، الحاج عبد الله، وود المهيديً.

ويرصد التقرير عودة المصارف، البنوك، والأسواق للعمل، ما يشير إلى ارتباط مباشر بين استقرار الكهرباء وانتعاش النشاط الاقتصاديً.

التعليم… هل تجاوزت المدارس آثار الحرب؟

قطاع التعليم واجه خطر الانهيار الكامل، لكن إعادة تأهيل المدارس ومباني الوزارة مكّنت الولاية من إكمال العام الدراسي وتنظيم امتحانات الشهادة السودانية والمرحلتين المتوسطة والابتدائية بنجاح.

ورغم استمرار نقص الإجلاس والمعلمين، إلا أن التنسيق مع وزارة المالية ومجالس الآباء، وتوفير إجلاس واستمرار صرف المرتبات وجدولة المتأخرات، ساعد في تثبيت العملية التعليمية نسبياً.

الطرق والبنية التحتية… أين صُرفت الأموال؟

أعلنت حكومة الولاية رصف ٣٠ كيلومترا من طرق مدينة مدني، إلى جانب توقيع عقد مع شركة زادنا العالمية لتأهيل ٢٠ كلم إضافية بكلفة 24 مليار حنيه.

اللافت في هذا الملف هو الالتزام المعلن بالمعايير الهندسية وتسريع التنفيذ، وهو ما يجعل هذه المشاريع تحت مجهر المتابعة العامة، نظراً لدورها المباشر في تنشيط الاقتصاد وتحسين حركة النقل.

الجزيرة والرهد تحت المجهر: لماذا الاستقرار الزراعي مهم؟ً
يمثل مشروعا الجزيرة والرهد العمود الفقري لقطاع الزراعة في السودان، حيث يمتدان على مساحات واسعة وتساهمان في إنتاج المحاصيل الاستراتيجية.

وفي أعقاب استعادة السيطرة على مناطق الإنتاج وإخراج الملشيا المتمردة ، نادى الوالي الطاهر إبراهيم الخير بضرورة استثمار هذه الفرصة لإعادة تشغيل هذه المشاريع، وتوفير المدخلات الزراعية، وتأمينها من الاعتداءات، وتنشيط الدورة الاقتصادية المحلية، ما يعكس التزامه بتعزيز الدور الزراعي كقاطرة للنهوض الاقتصادي في الجزيرة والسودان بأسرهً.

الصناعة والرواتب… مؤشرات تعافٍ اقتصادي؟

عودة الكهرباء للمناطق الصناعية سمحت بإعادة تشغيل عدد من المصانع، بالتوازي مع تطوير الأسواق والمسالخً. كما شهدت الولاية استقراراً في صرف المرتبات، ومعالجة تدريجية للمتأخرات، ما عزز استمرارية الخدمات الحكوميةً.

خلاصة

تكشف المعطيات أن ما شهدته ولاية الجزيرة بعد التحرير لم يكن مجرد وعود سياسية، بل سلسلة إجراءات عملية أعادت الحد الأدنى من الاستقرار والخدمات. ومع ذلك، يظل التحدي الحقيقي في استدامة هذه الإنجازات، والرقابة على التنفيذ، وعدالة توزيع الخدمات بين المركز والأطرافً.

ويخلص التقرير إلى أن ولاية الجزيرة تمتلك فرصة حقيقية للتحول إلى نموذج وطني للتعافي بعد الحرب بقيادة والي الجزيرة الأستاذ الطاهر إبراهيم الخير ، شريطة استمرار الشفافية، ومشاركة المجتمع، والمتابعة المستقلة لمسار الإعمار والتنمية المستدامةً.

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى