الشفافية في بحر ابيض

*بعد شهور من تمرد مليشيا الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، أُتيحت لي فرصة زيارة المملكة العربية السعودية، حيث قضيت عاماً كاملاً متنقلاً بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والرياض. وخلال تلك المدة لم أرَ مقيمًا واحدًا يدفع ريالًا واحدًا نقداً في معاملاته الحياتية أو الديوانية؛ فكل التعاملات هناك تُنجز إلكترونياً بالكامل. وهذا هو الحال في معظم دول العالم، وليس في الدول الأوروبية وحدها.
*قبل عدة أشهر شاركت في ورشة حول الدفع الإلكتروني، تحدث فيها وزير المالية الاتحادي ومحافظ بنك السودان، وبرعاية عضو المجلس السيادي الفريق ركن مهندس إبراهيم جابر. جميع المتحدثين أكدوا أهمية الدفع الإلكتروني وضرورة نشر هذه الثقافة في السودان، إلا أن التطبيق على أرض الواقع ما يزال محدوداً في مؤسسات الدولة.
*وفي ولاية النيل الأبيض تم تشكيل لجنة عليا لتنفيذ الدفع الإلكتروني، وهي خطوة إيجابية نحو ضبط المال العام وتعزيز الشفافية، بما ينعكس على اقتصاد الولاية والاقتصاد القومي، وينبغي أن تحذو بقية ولايات السودان حذوها للوصول إلى بر الأمان الاقتصادي.
*وخلال اجتماع اللجنة العليا للتحصيل الإلكتروني، أكدت وزيرة المالية المكلّفة فاطمة الحاج الطيب التزام حكومة الولاية بتطبيق نظام “إيصالي” في جميع المعاملات المالية الحكومية، وتسخير كل الإمكانيات لدفع عجلة الاقتصاد الوطني.
وقد وُضع خلال الاجتماع برنامج عمل لتنفيذ المشروع في بقية الوزارات والمحليات والوحدات الاتحادية، إلى جانب إطلاق برامج تدريبية للتقنيين والمحاسبين والمراجعين. كما ستعقد اللجنة سلسلة اجتماعات مع بنك السودان والبنوك التجارية والأمن الاقتصادي وشركات الاتصالات والوحدات الاتحادية مثل المرور والزكاة والضرائب، إضافة إلى زيارات ميدانية للمحليات لحل المشكلات التي قد تعيق سير البرنامج.
*إن تطبيق نظام “إيصالي” في ولاية النيل الأبيض يمثل خطوة مفصلية لنشر ثقافة الدفع الإلكتروني،لتصبح بذلك ولاية النيل الأبيض بقيادة الوزيرة النشطة فاطمة الحاج من الولايات الأولى التي تسعى للشفافية وضبط المال العام من خلال برنامج التحصيل الإلكتروني، آملين أن تنتقل هذه الثقافة من المعاملات الحكومية إلى الحياة اليومية، حتى تنحسر ظاهرة الكاش المنتشرة في السودان وبعض الدول التي لم تستفد بعد من التقنيات الإلكترونية والإنترنت.