القمح.. بين عناد المزارع واستهتار البنوك

تجمع المزارعين: البنك الزراعي سبب في احتجاجات المزارعين
تجار سماد: البنك الزراعي يضايقنا وعندما تتوفر الأسمدة ترتفع الأسعار.
محلية الدبة: تذبذب التيار الكهربائي سيكون سبباً لفشل الموسم الشتوي..
السماد والكهرباء..
بعد صراع وتوتر استمر لأكثر من شهر بين مزارعي الولاية الشمالية ووزارة المالية حول زيادة سعر التعرفة للكهرباء حيث فاقت نسبة الزيادة أكثر من 300% والتي اعتبرها المزارعون مفاجئة مما أدى لإغلاق طريق شريان الشمال لعدة أيام
قبل أن يتم فتحه مرة أخرى على غرار تجميع الجهات المختصة لقرار زيادة الكهرباء مما دعا لخلق أزمة تتعلق بإغلاق طرق الشمال وتكدس آلاف الشاحنات المصرية والسودانية لأسابيع.. (اليوم التالي) وقفت ضمن الواقفين بشاحناتهم، ولكن بطريقتها الخاصة من خلال هذا التحقيق الاستقصائي وتعرفت عن قرب على الأسباب الحقيقية لقفل الطريق وذلك مع عدد من المزارعين والسائقين ولجان المقاومة، بينما لجنة تجمع مزارعين بالولاية الشمالية أكدت أنها تفاجأت بنيران كثيفة تفتح على المزارع من قبل البنك الزراعي بالمحلية والولاية مما أدى لأزمة إغلاق الطريق.
تحقيق: أمنية مكاوي
عضو تجمع المزارعين بالولاية وصاحب مشروع سلب وجمعية السلامة الزراعية تنقسي أشرف عثمان سرو كشف في تصريح لـ(اليوم التالي) عن وجود ثلاث مشاكل على عاتق المزارع بالولاية أولها: السماد لارتباطه بمحصول القمح علماً أن القمح ليس محصولاً استراتيجياً، ثانياً: لابد من الزراعة أولاً حتى يتم تسلم السماد الأمر الثالث أن الكمية الزراعية لا تكفي لأن البنك الزراعي يتعامل مع المحلية مثلها وأي محلية أخرى رغم أنها أكبر بقعة زراعية في الولاية ولها أكبر مشاريع زراعية استثمارية، وأضاف أشرف أن المشكلة الحقيقية تتمثل في عدم وجود السماد حتى لمحصول القمح المخصص له موضحاً أن المحصول حالياً في (الشربة الرابعة) دون سماد (يوريا) وهذا سيؤدي الى تلف بعض المشاريع، وأكد سرو أن السماد قبل أيام كان موجوداً بالسوق الأسود ويمتلكه أشخاص محددون .
البنك والصمت
وقال مدير البنك الزراعي فرع الدبة محمد عبدالرحمن إن إدارة البنك بالدبة ممنوعة من التصريح لأي وسيلة من وسائل الإعلام من جانب الإدارة العامة وأي تصريح يجب أن يتم عبر البنك الزراعي وعبر المدير العام للبنك الزراعي أو مدير القطاع بالولاية، وأكد عبدالرحمن لـ(اليوم التالي) أن البنك يسلم تقاريره يومياً للقطاع مضيفاً أن البنك يرفع الحاجة للسماد حسب حاجة المشاريع الزراعية بالمحلية، لكن لم يتم توفير الكمية المطلوبة، وقال عبدالرحمن: لا نستطيع الحديث عن نقص السماد، وفرع البنك مهمته فقط تسيلم الكمية التي سلمت الى المزارعين بواسطة إفادات من مكتب الزراعة، قاطعاً بأن البنك الزراعي بالمحلية ليست به تجاوزات تخص السماد مشيراً الى أن هناك حديث متداول عبر وسائل التواصل بأن حصة المحلية تباع لبعض المزارعين وتوزع عبر السوق الأسود .
السماد الأسود
وكشف أحد تجار السماد ثروت صبحي في تصريح لـ(اليوم التالي) أن السماد يأتي من أم درمان الى سوق الزريبة، وأكد ثروت أن حصة السماد التي يأخذها غير مرتبطة بالعام، وإنما في كل أسبوع لدي 100 جوال من اليوريا حالياً سعر الجوال 45 ألف جنيه، هنالك نوع آخر من اليوريا وهو الداب المصري وسعره ما يعادل 22 ألف جنيه لكنه معدوم تماماً بكل الأسواق، وقطع ثروت أن مضايقاتنا من البنك الزراعي في حالة توفير البنك لليوريا يكون هناك تجميد لليوريا في السوق، وبعد أن يتخلص البنك من الكمية تعرض اليوريا مرة أخرى في السوق بسعر اليوم، هناك فجوة تأتي فجأة وتكون في صالح التاجر بسبب ارتفاع سعر السماد عالمياً، والدليل على ذلك أن جوال السماد كان قبل شهرين بمبلغ 17 ألف جنيه .
البنك والسمسرة
وقال مجدي الدين ـ صاحب مشروع جرة ـ وهو من أكبر المشاريع الزراعية قال: في كل عام نلجأ للبنك الزراعي على أساس التمويل الشتوي، والبنك الزراعي الآن أصبح تجارياً أكثر من زراعي لسبب واحد البنك الزراعي من المفترض أن يمول من شهر سبتمبر بدلا ً شهر نوفمبر على حسب الموسم، لكن البنك يفعل العكس في سياسة التمويل، وأوضح مجدي أن التصريح يتم عبر المكتب الزراعي ومن ثم يسلم الخطاب الى البنك الزراعي به توضيح المساحة المزروعة مشيراً لامتلاك 30 فدان قمح ملك خارج المشروع وتم تسليم خطاب وزارة الزراعة الى البنك الزراعي وتم التصديق على سماد اليوريا والداب معاً، لكن مدير البنك الزراعي سلم سماد اليوريا فقط وطلب من المزارعين أن ينفذوا المشروع على أرض الواقع أولاً علماً بأن سماد اليوريا موجود داخل البنك وأضاف أمجد أن التنفيذ على أرض الواقع ليس من مسؤولية البنك، بل مسؤولية وزارة الزراعة، وكانت اليوريا بسعر 18 ألف داخل البنك ونفذت على أرض الواقع، لكن للأسف البنك ليس لديه مندوب لمتابعة التنفيذ على أرض الواقع، مما اضطرني للعودة مرة أخرى الى البنك لاستلام اليوريا فارتفع سعر اليوريا الى 31 ألف وأصبحت غير موجودة ..
مخاطر المزارعين
فيما عبر عدد من المزارعين عن غضبهم تجاه البنك الزراعي الذي يعتبر استثمارياً وليس تجارياً، وقال مجدي إن محصول القمح في المشروع وصل (الرية الرابعة)، ولم تصله جرعة واحدة من سماد اليوريا مما يعرض المشروع للتلف بالكامل، مشدداً: إننا أجبرنا لأخذ سلفيات من التجار وفرضت عليها أرباح سعر الجوال حالياً بـ48 ألف جنيه في السوق مع الربح يصل سعر الجوال 52 ألف إذا وصل سعر جوال القمح عمل 65 ألف جنيه لم يغطِّ مع المزارع بسبب الدين وتماطل البنك الزراعي واستهتاره بالمحصول، وناشد مجدي المسؤولين على مراقبة البنك الزراعي وكيفية العمل التي يتبعها وهل هو بنك زراعي يساعد المزارع أم بنك تجاري يعمل على (كيفو)، نحن الآن متضررين حد الضرر من البنك الزراعي بدلاً من أن نصلح حالنا تضررنا، مبيناً أنه كان في السابق يأتي البنك الزراعي بالأدوات الزراعية بما فيها تركتورات مع فترة سماح لمدة خمس سنوات بنسبة أرباح 15%، وعندما جئنا للاستلام ارتفعت الأرباح الى 30% مع زيادة سنوية وهذا السلوك لا يدعم الزراعة، بل يدمر الزراعة ما يقال عن عدم وجود سيولة بالبنك أمر مؤسف ويهدد الزراعة في المنطقة..
تقليل الإنتاجية
عثمان محجوب العفاض صاحب مشروع زراعي بالعفاض، قال لـ(اليوم التالي): تعاملنا مع البنك الزراعي منذ سنين في كثير من الاحتياجات مثل السماد والغابات الزراعية وأكد عثمان في تصريح لـ(اليوم التالي) أن هذا العام البنك الزراعي يفاجئنا من البداية بأن الكمية المعروضة من السماد بسيطة وتم تشديد الإجراءات وتسعير الجوال بـ18 ألف جنيه مضيفاً أنه بعد الإجراءات الطويلة اتفاجأنا بعدم وجود السماد من الأصل فتم تصديق 60 جوال للمشروع وجدنا منها 31 قبلنا بذلك لأنه يعتبر سعر دولة ومع ذلك فإن السماد غير متوفر وحتى الآن لم نتسلم الحصة التي ذكرتها من البنك والمحصول في (شربته) رقم (4) بغير يوريا وهذا له أثر في تقليل الإنتاج بنسبة تفوق 50% لأن الزراعة مواقيت، الآن البنك الزراعي ليست لديه المقدرة على توفير المدخلات الزراعية بكل العينات وهذه مشكلتنا مع زيادة الكهرباء والبنك الزراعي أصبح عائقاً للمزارعين .
مساحات مزروعة
بينما أقرت محلية الدبة زراعة مساحة 14553 فدان بمحصول القمح في جملة المساحة المستهدفة والبالغة 17 ألف فدان تقدر بنسبة 86%، تمكنت من زراعة 4459 فدان فول بنسبة 89% لمحصول الفول المصري، وأكد مدير الزارعة لمحلية الدبة الباشمهندس أميرة محمد ميرغني في تصريح لـ(اليوم التالي) أن المحلية تستهدف زراعة 88.170 فدان لمحصول العروة الشتوية المختلفة، وأكد أن المحلية تبذل جهوداً كبيرة بالتعاون مع وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولاية الشمالية والجهات ذات الصلة لتوفير كافة المقومات لنجاح الموسم الشتوي وزراعة المساحات المستهدفة، وكشفت أميرة أثناء حديثها العوائق والتحديات التي تواجه الموسم وهي انعدام سماد اليوريا خاصة الجرعة الثانية لمحصول القمح وزيادة تعرفة كهرباء المشاريع الزراعية والجزر الرملية حول آليات للمشاريع الكبيرة.
تذبذب التيار
وقطعت أميرة ان تذبذب التيار الكهربائي أدى الى حرق عدد من الموتورات وهذا بدوره تسبب في كثير من المشاكل خاصة وأن الموسم شتوي ولا يتحمل كل هذه الأعباء إضافة لانعدام الجازولين الزراعي وتمثل في تعطيل العديد من المشاريع مع أن هناك مساحات كبيرة غير مكهربة مثل الجزر التي يعتمد عليها في زراعة الفول والبطاطس، وأشارت أميرة الى أن مشاكل المزارع الآن هي الكهرباء والسماد وأرجعت أن البنك الزراعي في المحلية رفعت إليه عدد احتياجنا لسماد اليوريا من قبل البدء في الموسم الزراعي، لكن لم يوفر الحصة التي طلبت منه وهذه مشكلة عالمية وليست في محلية الدبة فقط.