سامي الرشيد يكشف التفاصيل الكاملة لموسم حج 1446هـ
حوار خاص من قلب المدينة المنورة مع الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة
سامي الرشيد يكشف التفاصيل الكاملة لموسم 1446هـ
حوار:جعفر باعو
في أجواء إيمانية مهيبة، ومن قلب الحرم المدني الشريف، أجرينا هذا الحوار الخاص مع الأستاذ سامي الرشيد، الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة، حيث كشف عن تفاصيل دقيقة حول موسم حج 1446هـ، ورد على الاتهامات المثارة، واستعرض الترتيبات، التحديات، التكلفة، والتحويلات المالية، في حوار يتسم بالشفافية والمسؤولية.
الرشيد: بدأنا باكرًا… والتخطيط انطلق منذ سبتمبر
■ متى بدأ التحضير الفعلي للموسم؟
بدأنا فعليًا منذ شهر سبتمبر عبر المؤتمر التحضيري، الذي وضع المصفوفة الزمنية الكاملة من التخطيط وحتى عودة آخر حاج. بدأنا بتحديد الحصص وحجز المخيمات، ثم انتقلنا إلى مرحلة حزم الخدمات، وهي المرحلة الأهم وتشمل تعاقدات تمثل 70٪ من التكلفة بالريال السعودي، بينما النسبة المتبقية (30٪) تُدفع بالجنيه السوداني، وتشمل خدمات كالنقل البحري، الترحيل، والرسوم الولائية.
أكثر من 38 جهة… تنسيق سوداني سعودي متكامل
■ ماذا عن الشراكات الداخلية والخارجية؟
لدينا 23 شريكًا داخل السودان، تشمل مؤسسات أمنية وخدمية مثل الجوازات، السجل المدني، وزارة الصحة، الدفاع، الإعلام، بنك السودان، والخارجية، التي تُشرف على الملحقيات. أما في المملكة، فنتعامل مع وزارة الحج، القنصلية، الملحق الإداري، وشركات الطوافة.
التعاقدات والتمويل… داخل النظام الإلكتروني السعودي
■ كيف تتم التعاقدات والتحويلات المالية؟
بعد إقرار حزم الخدمات، نخاطب الولايات، ويُجاز السعر عبر مجالسها الولائية. في حال لاحظنا زيادات نُعيدها للتصحيح. ثم نتفق مع بنك الخرطوم لتحديد سعر الصرف، حيث كان العام الماضي 365 جنيهًا مقابل الريال، مقارنة بـ735 هذا الموسم، بينما كان سعر السوق الموازي 690. بعد ذلك يتم تحويل المبالغ إلى البنك الأهلي السعودي، ومنه إلى المحفظة الإلكترونية بمنصة “نسك”.
التعامل كله يتم داخل المسار الإلكتروني السعودي، ولا يُسمح بأي تعاقد خارج هذا النظام. كل جهة تقدم خدماتها عبر النظام الإلكتروني، ولا توجد دفعات مقدمة أو تعاملات مباشرة. لا يمكن شراء باقة أو خدمة دون امتلاك مخيمات، بما يشمل السكن، الترحيل، الإطعام، وحتى الهدي الذي يتم عبر هيئة الأوقاف الملكية.
تكلفة التأشيرة والخدمات… كل شيء محسوب
■ هل صحيح أن الحاج لا يحصل على التأشيرة إلا بعد دفع كامل الحزمة؟
نعم. لا تُصدر التأشيرة إلا بعد دفع كامل الحزمة. والتأشيرة نفسها تُعد خدمة تُكلف 600 ريال. أما الإطعام، فتم عبر كراسة عطاء، ووجبة اليوم الكامل بـ55 ريال فقط، مع مراعاة الذوق السوداني والحالات الصحية. ونشترط وجود عمالة سودانية في التقديم لأنها تفهم طبيعة الحاج السوداني.
موسم بلا وسطاء… شفافية وتكلفة الأقل عربيًا
■ ما تكلفة الحج السوداني مقارنة بالدول الأخرى؟
التكلفة الإجمالية للحج السوداني هي 13 ألف ريال سعودي شاملة الهدي، وهي الأقل عربيًا، بينما هناك دول تصل تكلفة الحاج فيها إلى 30 ألف ريال. نحن ألغينا التعامل مع الأفراد والوسطاء، وتعاملنا فقط مع الشركات عبر كراسات عطاء قدمتها 45 شركة. تم فرز العطاءات بحضورهم جميعًا بشفافية، وحرصنا أن يكون السكن فندقيًا وليس شققًا، وقريبًا من الحرم، مما أسهم في خفض التكلفة.
من أقصى دارفور إلى كندا… الكل وصل
■ ما تعليقكم على الانتقادات الإعلامية التي طالتكم؟
أقول للصحفيين والناشطين الذين هاجمونا: هل سألتم كيف خرج حجاج دارفور أو كردفان؟ الكل وصل. هناك من حاول الحج من كندا وفشل العام الماضي، ونجح هذا العام عبر السودان. لا نرفض النقد البناء، ولكننا نرفض التشويه.
تجربة حج المهجر… وحدة وطنية تتجلى
■ ما تقييمكم لحج المهجر؟
تجربة ناجحة، استفاد منها أكثر من 700 حاج من 91 دولة. كل الإجراءات كانت إلكترونية، ولا نتحصل منهم إلا على 150 ألف جنيه فقط لتغطية إدارة العملية، لأنهم لا يدفعون رسوم الولايات أو الترحيل الداخلي.
الموارد الذاتية… لا مرتبات من المالية
■ كيف تُدار ميزانية المجلس؟
المجلس يعمل بموارده الذاتية بالكامل. عدد موظفينا 63 فقط، وكل المرتبات تُدفع من رسوم الـ150 ألف جنيه. لا نتلقى دعماً من وزارة المالية.
مشاركة الولايات… من الحلم إلى الواقع
في السابق، كنت أنادي بإشراك الولايات في الحزم، وكان يُقال لي إن الأمر مركزي. لكن عندما كُلفت بتولي الموقع، جعلت مشاركة أمناء الحج في اختيار الحزم أمرًا واقعًا. وأقمنا لهم دورة تدريبية بجدة شاركت فيها وزارة الحج السعودية، لتعريفهم بإدارة الحشود والأزمات.
ختامًا، كان هذا الحوار مع الأستاذ سامي الرشيد فرصة نادرة لفهم تفاصيل دقيقة من خلف كواليس أكبر عملية دينية سنوية، تُدار بين دولتين وعشرات المؤسسات. ورغم التحديات، فإن الإصرار على الشفافية والتطوير يبقى عنوان المرحلة المقبلة، خدمةً لضيوف الرحمن من السودان.