صحفي يروي تفاصيل اعتقاله من الدعم السريع

الصحفي عبدالله بشير يروي تجربة إعتقال مريرة في سجون مليشيا الدعم السريع
شهدنا إحضار معتقلين شبه موتي وأفراد المخابرات يمنع عنهم العلاج
تعرضت للتعذيب (١٤) يوماً والاتهامات في مواجهتي كانت جاهزة
المعتقلون يتم احضارهم معصوبي الأعين موثقي الأطراف تلاحقهم الركلات واللعنات
أصوات صراخ ليلية في عنبر النساء وكبار سن ومرضي ضمن المعتقلين
إرتفاع نسبة الوفيات مع دخول الصيف وتوقعنا الموت في أي لحظة
بدأت المعاناة الحقيقية للمواطنين الذين يتواجدون في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع في شهر فبراير الماضي، فقد بدأ استهدافهم بالإعتقال داخل مكاتب الإستخبارات في الأحياء والتحري معهم في اتهامات مختلفة.. ويقضي المعتقلون ممدا مختلفة في هذه المكاتب قد تكون لأيام أو أسابيع قبل أن يطلق سراحهم أو أن يتم ترحيلهم إلى المعتقلات الرئيسية كالمدينة الرياضية والرياض.. هذا ما دعاني لاتخاذ قرار الخروج إلى منطقة أكثر أمانا بعد الاعتقال الداخلي وما تلاه من تصنيف للمواطنين من متعاون إلى معادي وهناك من يحظي بالخروج إلى بيته لكن توضع عليه قيود ورقابة في الحركة، وهو ما اضطر الكثيرون لمغادرة منازلهم.
تم اعتقالي غداة خروجي من منزلي جنوب الخرطوم في منطقة الكلاكلة اللفة ليتم اقتيادي إلى مكتب شارع نوباتيا الذي خضعت فيه للتحقيق والتعذيب لمدة 14 متواصلة.. كان التحري شكلي فالاتهامات جاهزة والقرار النهائي كذلك، فكوني صحفي فهذا يعني تلقائيا أنني شخص معادي ومتعاون مع القوات المسلحة ومن رموز النظام السابق.. ولاحقا تم تعديل الاتهام في مواجهتي دون علمي وعندما تم ترحيلنا إلى سجن بدروم الرياض معصوبي الأعين، تفاجأت بأنه تم تعديل الاتهامات في مواجهتي لتكون الانتماء إلى جهاز المخابرات العامة.
ولكم أن تتخيلوا كيف ستكون طريقة القبض على أي من المواطنين عندما يشير عليه “المرشدون” أو عند استجوابه المهين على وقع ادوات التعذيب أو حتى كيفية نقلهم واحضارهم إلى المعتقلات معصوبي الأعين موثقي الأطراف تلاحقهم الركلات واللعنات..
بدروم الرياض عبارة عن قبو أرضي مظلم تكاد تنعدم فيه التهوية وتكسوه الرطوبة والروائح الكريهة.. كما أنه مكتظ بالمعتقلين من المدنيين والعسكريين سواء الذين كانوا في الخدمة أو تركوها من سنوات. مساحة المعتقل لاتتعدي 300 متر مربع مقسم إلى عنبرين أحدهما مخصص للمدنيين والآخر للعسكريين وغرف جانبية مغلقة بإحكام وضع داخلها المتهمين بالقتل العمد “المادة 130” وبعض المختلين عقليا ومدمني المخدرات. مجرد وجود أي شخص في هذا المعتقل فهذا يعني انه تلقائيا يتعرض للتعذيب الممنهج واحتمال التعرض للوفاة او الجنون.
وفي بعض الأحيان يتم إحضار معتقلين شبه موتى من آثار التعذيب الذي تعرضوا له من مكاتب الإستخبارات في مختلف أنحاء العاصمة الخرطوم.. وهناك فردين من منسوبي المخابرات، تم احضارهم بعد اخضاعهم للتعذيب الشديد ورفض جنود الدعم السريع نقلهم إلى المستشفى بناء على تقرير الطبيب فقضوا حتفهم داخل المعتقل.
وهناك أيضا كبار سن تجاوزوا الستين من العمر وأصحاب أمراض مزمنة وكذلك أطفال في أعمار تتراوح بين 12 إلى 14 سنة وجدناهم قبلنا في قبو الرياض، وجهت لهم اتهامات بالإستنفار مع الجيش لمجرد أنهم وجدوا في هواتفهم النقالة فيديوهات تمجد الجيش أو تحط من قدر المليشيا.
المشكلة أن هؤلاء الأطفال تقرر نقلهم إلى سجن سوبا لكن إدارة السجن رفضت استقبالهم بحجة أنهم قاصرين ويحتاجون إلى إصلاحية، فتم إرجاعهم إلى قبو الرياض وبقيت مشكلتهم دون حل وغادرناهم وهم هناك بعد أن تم ترحيلنا إلى سجن سوبا. في هذا السجن سمعنا أن هناك معتقل للنساء “تقريبا في القسم الاول” وقد أخبرنا من سبقنا إلى السجن أنهم كانوا يسمعون أصوات صراخ ليلا تأتي من ناحية معتقل النساء.