صحني مكتوب فيه أم اسيل

لكل حضارة من حضارات العالم ثقافتها ورموزها التي تستخدمها في شتى مجالاتها اليومية، كالدينية والثقافية والاجتماعية، ولا تبعد الثقافة العربية عن ذلك، فالعرب لديهم رموزهم التي يستعملونها، ويعنون بها شيئًا مًّا، فهم استخدموا أسماء الحيوانات، مثلاً، للدلالة على رمز معيّن، فالغراب والبوم يرمز عندهم إلى الشؤم، والحمامة ترمز إلى الخير ، والحيّة لها عدة رموز، والأسد يرمز عندهم إلى القوة، وأنثى الكلاب ترمز إلى الفساد . وقد ظلت بعض تلك الرموز محفوظة في أمثالهم وأشعارهم، واهتم جامعوا اللغة بعد الإسلام بتدوين كل ما استطاعوا الحصول عليه من ثقافة عربية تحت الجذر اللغوي، التي يستخدمها قدامى العرب، ومن بينها أسماء الوسوم ، إلا أن هناك جوانب كثيرة تتعلق بهذا، وما زالت بحاجة إلى دراسة وبحث؛ كمعنى رموز الوسم، والتي تنصبُّ في الثقافة الرمزية للمجتمع العربي، وهي ما زالت بحاجة إلى الاكتشاف والدراسة والتحليل. مع الانتباه إلى أن ثقافة العرب العامة في الجاهلية هي الوثنية، وهي تختلف عن ثقافة العرب بعد الإسلام، الأمر الذي يعني الحذر في التعميم لرمزية العرب قبل الإسلام وبعده إلا في بعض الأمور التي لم يرفضها الإسلام مثل مكارم الأخلاق. ومن هذه الرموز: رمزية الوسم، الذي يعتقد أن تاريخه يرجع إلى أزمنة سحيقة عندما كان الوسم له «أهداف طقسية، تؤدي إلى حفظ الحيوان من الأرواح الخفية الشريرة، كالجن والشياطين وغيرها» ، والملاحظ أن أسماء الوسوم وأشكالها في بعض الأحيان تختلف من قبيلة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى، فقد يكون هذا الوسم له اسم آخر عند قبيلة أو منطقةٍ مَّا، وقد يعبّر هذا الوسم عن شكل ما لدى قبيلة أو منطقة أخرى . والوسم طريقة عالمية قديمة في تحديد ملكية الماشية، لدى العرب وغير العرب، اشتهرت في بادية الجزيرة العربية لاستخدامها إياها في وسم الإبل خاصة، وخاطب القرآن الكريم العرب بلغتهم، فجاء ذكر عملية الوسم في قوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} القلم: 16 ، و جاء في لسان العرب: «الوَسْمُ: أَثرُ الكَيّ، والجمع وُسوم وقد وسَمَه وَسْماً وسِمةً، إذا أَثَّر فيه بِسِمَةٍ وكيٍّ، والهاء عوض عن الواو واتَّسَمَ الرجلُ إذا جعل لنفسه سِمةً يُعْرَف بها، وأَصلُ الياء واوٌ. والسِّمةُ والوِسامُ: ما وُسِم به البعير من ضُروبِ الصُّوَر. والمِيسَمُ: المِكْواة، أَو الشيءُ الذي يُوسَم به الدوابّ، والجمع مَواسِمُ ومَياسِمُ، الأَخيرة مُعاقبة؛ قال الجوهري: أَصل الياء واو، فإِن شئت قلت في جمعه مَياسِمُ على اللفظ، وإِن شئت مَواسِم على الأَصل. قال ابن بري: المِيسَمُ اسم للآلة التي يُوسَم بها. المِيسمُ: هي الحديدة التي يُكْوَى بها، وأَصلُه مِوْسَم، فقُلبت الواوُ ياء لكسرة الميم ، الوَسْمُ أَثرُ كيَّة، تقول مَوْسوم أَي قد وُسِم بِسِمة يُعرفُ بها، إِمّا كيَّة ، تكون علامةً له» .
الشاهد (العزلة) : وسم يضاف إلى الوسم الرئيس، يكون داخل القبيلة الواحدة أو الفرع العشائري، أو الأسري، أو الفردي منها، وذلك للتفريق بين الممتلكات من الإبل داخل القبيلة. وسمي بالعزلة؛ لأنه يعزل إبلهم عن بعضهم البعض في القبيلة الواحدة، وسمي بالشاهد؛ لأنه يشهد لصاحبه بملكية إبله في القبيلة الواحدة، لهذا قالوا عنه: (الشاهد شاهد) . ولم يذكر في أدبيات العرب عن الوسم الفرعي شيء سوى ما ذكره الجوهري في أن الرجل يقول لصاحبه: «عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك؛ أَي سِمْه بغير سِمَة بعيري لتتعارف إِبلُنا»
بعد هذا السرد الرائع ، من منا لا يعرف الوسم؟
نحن في السودان أخذنا هذا الإرث وعملنا علي وسم البهائم و كل قبيلة لديها وسمها وهو معروف فإن فقد أحدهم بهيمته أو سرقت ، أول ما يصفها يصف وسمها و بذلك يسهل علي السلطات إعادتها له ، و الوسم يشبه رقم الشاسي في العربية ، و أيضا عندنا في السودان اتخذت النساء هذا الوسم في وضعه علي الأواني( عدتها ) فإذا اخذت هذه الاواني لمناسبة عند الجيران من السهل علي المرأة معرفة اوانيها بهذا الوسم ، من الطرائف أن أحدهم حمل وجبة الغذاء للاكل خارج المنزل عند الجيران لان لديهم ( وفاة) و هذه من العادات الاجتماعية الأصيلة و الجميلة في مجتمعنا، اها صاحبنا هذا يخاف من زوجته لأنها حريصة علي صحونها واوانيها، وحذرت الرجل مراراً من ضياع ( العدة ) اها صاحبنا هذا ضاع منه صحن وخاف من الرجوع دونه وأخذ يبحث عنه ولم يجده ، في واحد شليق سأله يا شيخنا صحنك دا شكله شنو؟ فكان رد صاحبنا ( مكتوب عليه أم اسيل ) … الشاهد في هذا الامر و هذه السردية أن الشفشافة و الشفشافيات الذين قاموا بسرقة منازلنا في هذه الحرب اللعينة وخاصة العدة والملايات وغيرها من عدة المنزل والنساء يعرفنها كما يعرفن فلاذات اكبادهن … للأسف بعض الاسر عندما رجعت الي ديارها وجدت أن الجيران يفترشون ملاياتهم ويستعملون اوانيهم … لكن للأسف لايوجد بها وسم أو شاهد …. هنا يكون غبن الجيران علي جيرانهم وهو يرون اشيائهم ولا يستطيعون أخذها بالقانون، لعدم كفاية الادلة ، وليس لديهم ما يثبت أن هذه الملايات ملك لهم ، وهنا ممكن أن يحدث ما لا يحمد عقباه أن يقتص الجار من جاره بنفسه …. لذلك نأمل أن تكون هنالك نظرة لاعادة الأمور الي نصابها … حتي وان لم نكتب ( أم اسيل ) .