عصام حسن علي يكتب.. الكفاءات الولائية وتقلد الحقائب الوزارية الاتحادية: دعوة لاستثمار العقول الوطنية

تُعتبر الكفاءات الوطنية مصدراً حيوياً لتنمية أي وطن، إذ تفيض الولايات السودانية بالعديد من الأفراد الذين يمتلكون خبرات غنية ومهارات متعددة في مجالات متنوعة. ورغم ذلك، يفاجأ الكثيرون بأن هؤلاء الأفراد لا يجدون تمثيلاً كافياً لهم في مراكز صنع القرار على المستوى الاتحادي. فتمركز الحقائب الوزارية في يد شخصيات بعينها يسلب الولايات الحق في الاستفادة الكاملة من طاقاتها البشرية المتمرسة.
يتسم السودان بالتنوع الثقافي والجغرافي، مما يتيح له امتلاكه مجموعة واسعة من الكفاءات القادرة على تحقيق التغيير الإيجابي. فمنذ القدم، تعددت المجالات التي تميز فيها السودانيون، سواء كان ذلك في مجال التعليم، حيث إن العديد من الجامعات السودانية تخرج أجيالاً متعلمة على مستويات عالمية، أو في المجال الاقتصادي، الذي يحتاج اليوم إلى استراتيجية محكمة تتجاوز الخطط التقليدية المعتمدة، وصولاً إلى الزراعة والصناعة والاستثمار .
إن إقصاء الكفاءات الولائية عن المناصب الوزارية الاتحادية إهدار للفرص التي يمكن أن تسهم في تعزيز التنمية الشاملة والاستقرار الوطني. فالوزارات الاتحادية في حاجة ماسة إلى دمج هذه الكفاءات لتحقيق خطط ورؤى تتناسب مع احتياجات وطموحات جميع الولايات، وليس المركز فقط. فالعقل المدبر، الذي ينتمي لولاية ما، يمتلك بديهيات ومعرفة محلية تجعل منه المرشح المثالي لتلبية متطلبات هذه الولاية.
هنا يكمن التحدي الأكبر، وهو ضرورة فتح المجال أمام الكفاءات الولائية لتولي المناصب الوزارية. فالدعوة إلى استثمار هذه العقول الوطنية تتطلب خطوات جادة من الحكومة، تبدأ بإعادة النظر في كيفية دعم الأفراد الأكفاء في الولايات وتقديمهم كخيارات قوية لشغل الحقائب الوزارية. كما يتطلب الأمر إنشاء آليات تعمل على تشجيع المشاركة الفعالة من جانب الولايات في عمليات صنع القرار، مما يسهم في تحقيق التوازن.
استثمار الكفاءات الولائية لن يسهم فقط في تعزيز التنمية المحلية، بل ستكون له آثار إيجابية على المستوى الوطني أيضاً. فعندما يتمكن الأفراد من الولايات من توجيه السياسات العامة وفق احتياجات ولاياتهم، سينعكس ذلك على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في البلاد ككل. كذلك، فإن التنوع في الآراء والخبرات المحلية يمكن أن يثمر عن حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهها السودان اليوم.
إن أهمية تنويع قاعدة اتخاذ القرار تشمل كذلك تعزيز الروح الوطنية والإحساس بالانتماء. عندما يشعر المواطنون بأنهم ممثلون بشكل عادل ويشاركون في إدارة شؤونهم، فإنهم سيكونون أكثر استعداداً لدعم الحكومات والبرامج الوطنية. وبالتالي، فإن استثمار الكفاءات الولائية يشكل خطوة نحو تعزيز الثقة بين الشعب والحكومة.
سعادة رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان،
السودان يمر بمرحلة دقيقة تتطلب توظيف جميع طاقات أبنائه دون إقصاء أو تمييز. وكما تعلمون، فإن الكفاءات لا تقتصر على المركز فقط، بل إن الولايات تزخر بأشخاص مؤهلين قادرين على إحداث تغيير حقيقي في مختلف الوزارات والمؤسسات الاتحادية. لذا، فإن البحث عن هذه الكفاءات واستقطابها وترفيعها ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة وطنية تفرضها متطلبات المرحلة.
فلتكن الحكومة القادمة حكومة كفاءات حقيقية، تعتمد على أصحاب الخبرة.
إن استثمار العقول الوطنية هو خيار استراتيجي يتطلب الإرادة السياسية والتفاني في العمل. فنجاح السودان في بناء مستقبل أكثر إشراقًا يعتمد على قدرة حكومته في استيعاب هذه الكفاءات واستغلالها بشكل أمثل. ومن خلال ذلك، يمكن أن يتجه السودان نحو رحلة جديدة من التنمية والازدهار، تبدأ من ولاياته الغنية بالعقول والاهتمام