في عيد الشرطة (71) كسلا بين القلق والرجاء.

يقول أبو نواس
ما ليس يُرجى وما يُرجى معاً فَقَدَا
فالعيد عادَ بما لا يَسْتَحْسِنُ العِيَدُ”
ومع حلول عيد الشرطة الـ(71) وجدت كسلا نفسها أمام واقع أمني مقلق، يطغى عليه تزايد الجرائم والتفلتات، رغم ما ظلت تقوم به لحنة امن الولاية من جهود وما تصدره من رسائل في محاولة لتطمين الشارع الكسلاوي. فبين الاحتفال بالمناسبة وبين ما يعيشه المواطن يومياً يظهر التناقض واضحاً وجليا في ولاية عرفت من قبل احتكاكات ونزعات اهلية لا تزال آثارها حاضرة.
ولعل جريمة شمال الحلنقة التي وقعت صبيحة يوم الجمعة بمثابة شرارة أعادت المخاوف من جديد فالحادثة التي شهدها حي شمال الحلنقة تمثلت في عملية سطو وتعدٍّ مسلح لايمكن ان يتم التعامل معها كجريمة عادية فقد أحدثت صدى واسعاً في الشارع وأثارت أسئلة حول قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الوضع ورغم بدء التحقيقات وتعقب الجناة، إلا أن القلق ما زال سائدا بين مواطني المدينة ويمكن القول انه ازداد بعض الشي كما انه افرز خطاب بغيض في الاسافير ومؤكد ان هذه اللغة تمثل مهدد علي الامن المجتمعي ويمكن أن تفتح باباً لفتنة ونزاع لا أحد يرغب في عودته وذلك لما يترتب علي مثل تلك الاتهامات التي ترمي جزافا فهي تفتح الباب علي مصرعيه لدعاة خطاب الكراهيه والذي يمثل خطر يتسلل بصمت ولعل لكل متتبع لما ورد من تعليقات علي تلك الجريمة على منصات التواصل يلاحظ خطورة تلك التعليقات الحادة، بعضها يحمل طابعاً قبلياً أو تحريضياً. ومثل هذا الخطاب، في مدينة ذات تركيبة حساسة، يمكن أن يتحول إلى وقود يعمّق الانقسام ويهدد السلم المجتمعي.
وحتي نحيط باطراف القضية لابد من امعان النظر بطريقة كلية حيث نجد ان انتشار المخدرات(ابوكرشولا) شاهدا حي ونجد ارتفاع في معدلات السرقات عقب انحسارها لفترة كل تلك مؤشرات لازمة حقيقة فلا ينبغي لنا النظر لجريمة شمال الحلنقة علي انها حادثة معزولة عن ذلك الواقع كل ذلك مع تدهور الاوضاع الاقتصادية والفقر مداخل وابواب لتنامي معدلات الجريمة.
واحقاقا للحق لابد من الاشارة والاشادة بما تبذله لجنة امن الولاية والتي تعمل في ظروف بالغة التعقيد فقد اصدرت بيانا ارسلت من خلاله رسائل واضحة واكدت من خلاله علي القبض علي احد المتهمين في الجريمة ومع ذلك الشارع ينتظر الفعل لا القول الشارع في حاحة لرؤية الدوريات والانتشار الشرطي ومحاربة الجريمة والمخدرات. ورغم أن البيان حمل تطمينات، إلا أن المواطن في امس الحاجة في بناء الثقة في شرطته خاصة في عيدها الواحد والسبعون وفي كل عام ان عيد الشرطةهو بمثابة اختبار حقيقي فقد تزامن عيد الشرطة هذا العام في وقت تحتاج فيه ولاية كسلا إلى خطوات عملية تعيد الثقة فالاحتفال يصبح بلا معنى إن لم يرافقه انحسار لكل تلك الجرائم.
اليوم نستطيع ان نقول ان كسلا تقف على مفترق طرق مع ثقتنا التام بان كسلا بتنوعها الكبير وبشرطتها وكل اجهزتها الامنية وبمجتمعها المتسامح قادرة على تجاوز الأزمات فالازمات ليست جديدة.علينا لكن التحديات الحالية تجعلها أمام خيارين:
إما إغلاق أبواب الفوضى، أو ترك الفرصة لعودة سيناريوهات النزاع والصراع والاقتتال القبلي الذي لا يتمني احد عودته مجددا.
وعليه نقول لانريد ان يكون عيد الشرطة كما قال أبو نواس، “بما لا يستحسن العيد”، حين يطغى الخوف على الحياة. لكن بإمكان كسلا عبر وعي أهلها وفعالية أجهزة أمنها أن تحوّل هذه المناسبة إلى بداية جديدة.
فالأمن ليس شعاراً، ولا مناسبة للاحتفال فقط، بل هو عمل يومي يطمئن الناس، ويمنع الجريمة، ويُسكت أصوات الكراهية.
وما تنتظره كسلا اليوم ليس الوعود… بل الأفعال.