قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

هذا هو معلم البشرية و رسول الإنسانية محمد بن عبد الله معلم نقتدي ونهتدي به ونتأسي بمنهجه في احترام وتقدير ووضع الناس منازلهم ، برنامج تفقد الراعي للرعية أو تفقد الاسر المتعففة واحدة من البرامج التي اتخذها سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم نهجاً وسلوكاً و سار علي هذا النهج الخلفاء الراشدين من بعده أبوبكر و عمر وعثمان و علي و كذلك التابعين و من تبعهم با حسان الي يوم الدين ، تفقدوا الأرملة و الفقير والضعيف والمسن و المسنة ،
و ما تلك العجوز التي كان يتفقدها سيدنا ابو بكر رضي الله عنه يطعمها من يده الشريفة الا واحدة من الاسر المتعففة ، ولما تولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قولته المشهورة عندما تفقد تلك العجوز ( لقد اتعبت من جاء بعدك … ) ، اهل الزكاة ساروا علي هذا النهج بتفقدهم للاسر المتعففة و تفقد الراعي لرعيته في شهر رمضان وهم يضعون منهج السلف نبراساً يقتدون به ، وكلمات ابن الخطاب ترن في اذنيهم ( لقد اتعبت من جاء بعدك يا أبا بكر ) ، تفقد الراعي لرعيته نهج اختطه اهل الزكاة وهم يشركون معهم القادة و الحكام و الولاة و اهل الراي و دافعي الزكاة من اجل تفقد الضعفاء في ليالي شهر الإنفاق والجود، ينزلون الناس منازلهم وينزلون مع الناس في مواقعهم حتي وان كانت ( راكوبة قشٍ)
…. لم تكن هنالك بروتوكولات ولم تكن هنالك مواعيد مسبقة مع انسان قضي اكثر من (٥٨) عاما من عمره يهب كل وقته و عقله لطلبته وهو يمدهم بالعلم والمعرفة ، من غير منّ أو اذي وهو يسعد دوما عند سماعة نتيجة تلامذته الفائزين الناجحين ،الاستاذ حمد النيل محمد صالح استاذ الاجيال بمدينة كسلا الكل يعرفه ويشار اليه بالبنان ، لم يكن يدرى أن يقف علي باب بيته والي الولاية و كبار المسؤلين بالولاية كما حدث في ليلة الخامس و العشرين من شهر رمضان و هي من الليالي المباركة في هذا الشهر الفضيل وكانت سر الليالي لدي استاذ الاجيال ، التي اوقفت عند باب بيته والي ولاية كسلا و الأمين العام لديوان الزكاة وقادة قوات الشرطة والامن والجيش بالولاية ونفر كريم ضاق ذلك ( الحوش ) الصغير بهم ، ولكن ذلك الجسم النحيل استقبلهم باريحيته وبساطته وقفشاته ، كانت جلسة ما منظور مثيلة ، كانت دقائق معدودة لكنها كانت لحظات فارقة في عمر التاريخ وعمر مربي الاجيال و هو يحكي للوالي وركبه بكل أريحية كيف درس الاجيال ، و كيف كتب قصائد للوطن و البلد ، و بادله الوالي و كل الحضور الحديث و هم يهدون هذه الزيارات لاولئك النفر دعما واسناداً لانتصارات القوات المسلحة في شهر الانتصارات ، كانت جلسة قليلة الوقت لكنها كبيرة المعني ستظل عالقة في ذهن مربي الاجيال الاستاذ حمد النيل و في ذهن اجياله و في اذهان اهل الحي الذين ظلوا يتسامرون بها حتي الصباح ، دلف ركب الوالي الي سيدة عجوز ، و ترفق الوالي والأمين العام بالجلوس الي جوارها وهم يستمعون اليها بينما وقف الآخرون تأدباً لها ، سلك معها الوالي ورفاقه مسلك ابا بكر عندما قالت : ( تلك المرأة المسنة لعمر بن الخطاب كان صاحبك يبعد النوي عن التمر …..) صاحت تلك المرأة متعجبة من الوالي كيف لي أن اصرف الشيك الذي قدمتوه و كيف استطيع صرف معاشي فما كان من الوالي و الأمين العام أن يأمروا مرافقيهم ان تحل مشاكل هذه المرأة غد صباحاً مع كل المؤسسات و الادارات ويحال الشيك الي نقداً ، هنا كانت كلمات الشكر و الثناء من امرأة قضت عمرها تتزين ( بكاكي ) الشرطة خادمة لنزلاء مصحة الأحوال النفسية و العقلية بكسلا ، وهي تعطي صحتها من اجل أن يعيش أولئك النزلاء اصحاء، وتعطي عقلها وفكرها للكل ، أنها الحاجة إخلاص كانت ليلة القدر التي نزلت علي تلك المسنة ، ودلف موكب الوالي و الامين العام في تلك الاذقة و الحواري من الحي البسيط وهم يتحسسون الضعفاء و المسنين و المتعففين تأسياً بمنهجه صل الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، توقف موكب الوالي و الامين العام عند مدخل بيت صغير ، ووقفنا معهم عند جسم نحيل هده المرض ( وفراشة ) العلاجات معلقة علي احدي اليدين النحيلتين ، لم يقوي علي القيام و لكن كانت حرارة اللقاء والاستقبال و الفرحة وروح الوطنية و كل هذه الخصال كانت في ذلك الرجل النحيل الاستاذ يحي محمد حجاج الذي دفع لنا كل تلك المشاعر بحرارة اللقاء وهو فرح مسرور بانتصارات القوات المسلحة علي تلك الشرذمة الباغية ، و فرح بأن لديه اثنان من ابنائه يزودن عن حياض الوطن وشرف نسائه ، كانت الفرحة غامرة و زادها شجون حضور الوالي وتلك القيادات التي ترصعت اكتافها بالنجوم ، فكانت نجوم زينت المكان وزينت حديث ذلك الرجل الذي تحدث حديث العارف ببواطن الأمور و الوطني الغيور ، خرجنا منه ونحن قد امتلأنا حماس و قوة بأن أمثال هؤلاء يتحدثون عن الوطن و الوطنية ودفع بفلاذت اكباده للدفاع عن الوطن وهو أحوج اليهم في هذه اللحظات ليمنحوه جرعة دواء ، لم يمد يده لاحد و لا لمنظمات حتي يعيش عيشة رغدة ، بل مد يده لخالق الكون فوقف أمام بيته في تلك الليالي المباركة ركب السيد والي الولاية ، خرج الجميع وهم مستبشرون خيرا بأن هذه أمة لن تهزم اذا كان فيها أمثال هؤلاء ،
انها أمة المصطفي صل الله عليه وسلم لن تهزم حتي يرث الله الأرض ومن عليها ، ومن هنا نقول لآل دقلو و من ساعدهم ووقف من خلفه بالمال أو الكلمة أو السلاح من اجل سلطة أو مغنم أو مغرم أو اطماع يهود ، إن أمتنا لن تهزم ما دام فيها من يتفقد الرعية و فيها من يؤمن بالقضية و فيها من آثر علي نفسه ودفع أبنائه لحمل البندقية من اجل الأرض و العرض و الدين و الهوية السودانية .