# لعنة الكرسي : والأنثى الرقمية #
# لعنة الكرسي : والأنثى الرقمية #
كتب : أحمد يس.
أم سلمة كانت جميلة في روحها ، أنيقة في تعاملاتها ، طموحاتها تلامس السماء ، والأجمل فيها أنها مسكونة بمن حولها بسجيتها ، محبة لكل الناس بسحناتهم ومرجعياتهم … تفيض عذوبة وتجود بإبتسامتها على زملائها ، جيرانها ومجايليها.. صغيرهم قبل كبيرهم ، ألفت طلتها الرشيقة حواري وشوارع جبرة وساحات أركويت والخرطوم ، أدمنت صوتها قاعات الدرس في جامعة الخرطوم والرباط وغيرها .. كل هذه الأماكن وغيرها سكنتها وتسكنها.
المرض حال دون أن يتعقد أمنها الشخصي بركونها في بيتها بجبرة لحظة إنفراط عقد أمن الخرطوم في العشر الأواخر من رمضان العام ٢٠٢٣ م وكغيرها من السمر الطيبين زحفت تحت أصوات الرصاص إلى أركويت رفقة أسرتها ظنا منها كغيرها بأنها أأمن وستكون ملاذا آمنا حتى تسكت البنادق بتدخل العقلاء الراشدين ، ناسية بأن للكرسي لعنة أصابت من حسبتهم راشدين ، وأن للكرسي سحر يتضاءل أمامه الرشد .
وجدت نفسها في العاصمة الإدارية البديلة وهي المسكونة بعشق الخرطوم ، تتوسد ركنا قصيا في بيت ضيق بدار النعيم إستبدلته بغرفتها الوثيرة الأنيقة مرددة ” لعن الله الكرسي والمسحور به ” تستغرب أم سلمة الثلاثينية الجميلة واقع الحرب وهي الفيزيائية الضليعة المصبوغة بلغة الأرقام والموبوءة بالأسئلة : كيف يتقاتل أبناء البلد الواحد؟ وأين؟ داخل شوارع مسكونتي وفوق رؤوس أحبتي وعشرتي؟ لماذا؟ من أجل كرسي إنكفأ الفرعون بسببه على رأسه في جهنم وبئس القرار … لمصلحة من؟ من أجل من كنز وإستأثر بالسلطة سني عمرها؟ آخر أسئلة هذه الأنثى الرقمية الرقيقة دامعة : متى يا أحمد تتوقف؟
” حسبي الله ونعم الوكيل فيهم ماتتخيل كميه الوجع النحنا حاسنو كيف وماقادرين نكون طبيعين مع انو الناس متخيله نحنا فرحانين طالعين بس الوجع انك تتجبر تطلع من بلدك وبيتك وذكرياتك وحياتك كلها”
” لازم تقيف بي اي فهم ويبطلو لعبه الكراسي دي ..بضيعو المساكين وبضيع البلد ”
” كل يوم نحنا نسمع خبر ويخلعونا والموت والضرب بقي عندهم عادي …لا بعرفو حرمه الشهر الفضيل
هسي دي شنو البحصل دي ومنو ضرب منو ولي شنو ..مافي أمان كل يوم يخلعو الناس ساي
” اي ولسه لو ماقعدو اتفقو حتوصل كل السودان ويخرب الباقي البسيط الفيهو ”
” هم بيناتهم بقو ما متفقين عشان كدي الدعم رقعتو زايده ”
” كتائب البراء ديل والمستنفرين حيكملو باقي الناس الفضلو ويقعدو هم “..
شهقت وزفرت حرورها وهي تذرف مدرارها مشاركة في كتابة هذه الخواطر … وهي تعد الخطط مشتتة بين أمواج السفر تمني نفسها أن تستقر سفينتها بشاطئ صلالة قبل ميناء دبي … لاحت بارقة امل ان تخدم الإنسانية عبر علمها في احد مراكز أبحاث الطاقة بالدولة الخليجية عسى ولعل أن يخفف عن غصتها وعلقمية شعورها بقطع دابر إستدامة رفعة شان وطنها ومجتمعها.
يشجعها بأن عطاءها ستطول آثاره مجتمعها الصغير.. يخبرها بأنها خلقت عالمة في تخصصها وأن طريقها كطريق الأنبياء محفوف بالمخاطر وانه يحسدها على قوة تصميمها وفولاذية إرادتها ويهمس لها بأن قوتها تكمن في قلبها المحب وعقلها الوقاد.. وتكتمل كارزميتها في تمكنها بحنكة من الخلط بين قلبها وعقلها لتهديه وتهدي العالم عطاءها وعلمها وأسلوبها .