أخبار عاجلةمقالات

م.صلاح غريبة يكتب..وان مع انتصارات اكتوبر …ذكرى..!

ghariba2013@gmail.com

شئ للوطن

 

عندما كنت في التاسعة من عمرة، تناقلت لنا الاخبار صباح يوم الاثنين الموافق 5 من يونيو سنة 1967 مايدور في مصر والجبهة، حيث استيقظ المصريون على دوى المدافع وضجيج الدبابات وازيز الطائرات التى ملأت السماء وتحول نهار ذلك اليوم الى ضباب وظلام دامس حيث قام العدو الإسرائيلى فى الساعة 8:45 من صباح ذلك اليوم

 

ولمدة 3 ساعات بهجوم متواصل بغارات جوية تركزت فى سيناء والدلتا والقاهرة ووادى النيل. وقد تم توزيع الغارات على 3 موجات، تم تنفيذ الغارة الأولى، بأكثر من 170 طائرة، والثانية بأكثر من 160 طائرة والثالثة بأكثر من 150 بإجمالى 492 غارة جوية، وقد دمر العدو اكثر من 20 مطارا حربيا مصريا وما لا يقل عن 85% من الطائرات المصرية وهى جاثمة على الأرض. وانتشرت اخبار الهزيمة فى كل الأرجاء وسطر التاريخ على جدرانه هزيمة 67 .

 

قد كانت الحرب فى ذلك اليوم من طرف واحد، حيث تجرع العرب مرارة الهزيمة المروعة، لكونها هزيمة بدون حرب، مما اثار حفيظة الجيش والشعب المصرى والعربى، وانطلقت حرب الاستنزاف التى كبدت العدو خسائر جسيمة، أشهرها عملية ايلات، وفى اثناء تلك العمليات، كانت مصر نلملم شتات شعبها ونشدد من عزم جيشها، وتم القول بجدارة: خسرت مصر المعركة ولكنها لم تخسر الحرب. قد تسقط لكن لا نستسلم،

 

والأعظم ان يكون من جديد، وقد تنهزم فى معركة لكن الأعظم ان تحرر نصراً عظيما.. تماماً كما ننام لكى نصحو بأكثر قوة ونشاطاً. وهذا ما تم فى ست سنوات، تكاتف الجميع وعزم وامن بأنه لا ينبغى أن تكون الهزيمة مصدر إحباط، بل يجب أن تكون حافزًا لمواصلة التخطيط حتى الانتصار. وان العرق فى التدريب يوفر الدم فى الحرب.
وعندما كنت في الخامسة عشر من عمري،

 

وفي يوم السادس من أكتوبر سنة ١٩٧٣ وفى تمام الساعة الثانية بعد الظهر كنا على موعد مع القدر، ليسجل لنا تاريخا جديدا على صفحات الزمن، ليصبح فى حياة المصريين والعرب، يوما تاريخيا فيه أشرقت شمس الانتصار، فى ذلك اليوم اختلت كل موازين القوى، وخابت كل التوقعات، وسقطت أسطورة الجيش الذى لا يقهر. يوما تلاشت فيه ظلام الهزيمة، يوما رفع فيه المصريون علم مصر على ارض سيناء، ورفعت رؤوس المصريين وبالتالي الغرب، على العدو الغاشم، حيث كانت إسرائيل تروج للجميع أنها القلعة العسكرية التى من المستحيل اختراقها او الوصول اليها.

 

وفى تحد صارخ من القوات المصرية، وعزيمتهم الفولاذية التى فاقت كل التوقعات، هجموا كالأسود يعبرون قناة السويس ويحطمون خط بارليف العظيم، وفى خلال ست ساعات شلت قوى العدو الذى لا يقهر، وقد تعرض الشعب الإسرائيلى لصدمة عنيفة قال عنها بعض المحللين العسكريين. إنها كانت أشبه بالزلزال المدمر داخل إسرائيل، وتمثلت الخسائر الإسرائيلية فى دمار 400 مدرعة وما يقرب من 8000 إلى 10.000 قتيل، وقرابة من 20ألف جريح، وتم تدمير أكثر من 1000 دبابة، كما فقدوا أكثر من 372 طائرة حربية ونحو 25 مروحية, و23قطعة بحرية وأكثر من 600 دبابة كما انها خسرت أكثر من 1٫593 مدفعًا.
لم يكن نصر أكتوبر وليد اللحظة والصدفة لقد مر على مرارة الهزيمة ست سنوات من 67 إلى 73,

 

تلك السنوات الست بذلت فيها اقصى جهد من التدريب والبذل والتضحية والدراسة الاستراتيجية وتم اختزالها، فى ست ساعات حرب. لقد كانت ساعة الحرب تعادل سنة من التدريب ومن هنا جاء النصر وألحقنا بالعدو الغاشم خسائر فادحة، وقد اصبح نصر أكتوبر مدرسة حربية كاملة الأركان تدرس فى الكليات الحربية. لقد كانت حربا من نوع فريد، ونقطة تحول فى تاريخ مصر والقوات العسكرية المصرية, وقد أبرزت تلك الحرب كفاءة المقاتل المصرى، ومدى ارتفاع مستواه القتالى واصبح ذلك اليوم عيدا قوميا، ولم تكتف مصر بهذا النصر العظيم بل اخذت على عاتقها استرداد كل شبر من ارض الفيروز. وبادرنا بالسلام وذهبنا الى ديار العدو. يد تحمل أعلام السلام واليد الأخرى تحمل أعلام النصر. كانت خطوة تاريخية تحسب من اعلى أوسمة الشرف التى قام بها الرئيس الراحل أنور السادات حيث عقد معاهدة السلام. ورجعت ارض الفيروز كاملة بعودة طابا فى مارس عام 1988.

 

وفى 19مارس 1989 رفع الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك علم مصر على طابا، آخر جزء من الأراضى المصرية وبذلك تكون مصر قد استردت بموجب اتفاقية السلام 4500 كيلو متر من أرض سيناء التى فقدت منذ 5 يونيو67 وبهذا تكون الأراضى التى عادت بالسلام أكثر من الأراضى التى عادت بالحرب. ولكن مازالت الحرب مستمرة، لكن العدو مختلف، قد يكون العدو جماعة او شخصا، قد يكون كاتبا ولكنه يكتب وينشر ألغاما، وقد يكون معلما لكنه يغرس فى الأجيال الكراهية والحقد وعدم قبول الآخر، وقتل المواهب وقد يكون مهندسا، فيرسم ويخطط كيف يدمر أبناء الوطن، وكم من شباب ينشرون ويروجون الشائعات المغرضة، فكم من حروب نفسية تندلع من طيات الكلمات التى تتغذى على سوء الظن وعدم المعرفة وتعصف كالرصاص، وتصيب الحمقى الذين أصبحوا ضحايا للجهل. وهذا يحتاج مجهودا أعظم وتكاتفا من كل المؤسسات المعنية، وستظل مصر منصورة وعظيمة بقيادتها السياسية وجيشها وشعبها.

 

كان السودان حكومة وجيشا وشعبا مشاركا في حرب اكتوبر، فجنودنا في الجبهة، وقلوبنا مع الشعب المصري.
وعند عودة السادات من كامب ديفيد كنت التجوال في شوارع القاهرة طالب علم في حلوان، فعشت انتصارات أكتوبر وحتى مراحل التطبيع ولهذا فإنني افتخر باني كنت ولازلت جزء من تاريخ مصر

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى