عمار العركي يكتب..قراءة براءة أفراد جهاز الأمن

* هنالك كثير من الأسئلة الإستفاهية التى تدور حول كثير من القضايا المتعلقة بالأمن القومى السُودانى وما يعتريه من مهددات ومخاطر مُحدقة ، ولكنها تظلُ حبيسة ومكتومة لإعتبارات منها ما يتعلق بحساسية التناول والتطرق لها إعلاميا ، ومن جهة أخرى إن لم يكن السائل حريص وحصيف يدخل فى دائرة التصنيف .
* عموما ، دوافع هذا التناول هو التطورات الأخيرة التى حدثت فى عدد من القضايا المُقدمة أمام محاكم القضاء السُودانى ومُقيدة ضد أفراد من جهاز الأمن ،تم الفصل فى بعضها إبتدائيا باحكام إدانة وتبرئة ، والبعض الآخر منها قيد النظر .
* من بين المُحاكمات هذه ، محكمتي عطبرة المختصتين بنظر دعاوى مقتل شهيدى الثورة ” طارق ومختار” عليهم رحمة الله ، وقد حكمت المحكمتان ببراءة أفراد جهاز الأمن والمخابرات الوطنى مسماه حين الواقعتين ، وجهاز المخابرات العامة حاليا ، بأحكام إبتدائية قابلة لكل مراحل التقاضي وصولاً لأحكام نهائية.
* تلك الأحكام الإبتدائية التى غالبيتها قضت بالبراءة ، فرضت العديد من الأسئلة الموضوعية التى تبحث عن إجابات فى ظل عدم الوصول للجناة الحقيقيون ، لأسباب منها السياسى ، والقانونى الإجرائى .
* بالرجوع إلى الوقائع والحيثيات التى إستند عليها القضاة فى حكمهم بالبراءة ، إتفقت في مجملها على قصور في أداء الإتهام ، والوقوع في عدد من الأخطاء الإجرائية والقانونية في كل مراحل بناء الإتهام بدء بالتحرى وجمع الأدلة وأقوال، شهود الإتهام ، وبالتالى والى حين الوصول إلى حكم نهائى وحُجية الأمر المقضىى فيه ، تكون النيابة المختصة التى أسست الإتهام إبتداءَ ، قد فلت منها “الجاني الحقيقى”، نتيجة لتأسيس إتهامها على إعتقاد ظنى شائع حينها بأن “أفراد الجهاز قتلة بالأساس” ، وهذه الجملة تحديدا “يا قتلة” هتف بها أحد أعضاء هئية الإتهام فى محكمة الشهيد”مختار” فى مواجهة المتهمين داخل قفص الاتهام ، أمام القاضى وبعد تلاوة قراره ، وفى إعتقادى كانت محاولة لإلهاء أسرة الشهيد “مختار” حتى لا تنتبه لضعف الأداء والفشل الذريع للإتهام فى الإثبات القانونى ، فالسؤال الموضوعى اقلها فى.هذه المرحلة من التقاضى التى تتبعها مراحل أخرى ، هنا من ضيًع حق الشهيد مختار؟
* وبذات الأداء والنهج سارت محكمة الشهيد، “طارق” ، وتكاثرت فيها الأخطاء الإجرائية والقانونية أبرزها كان بداية التحرى وزيارة موقع الجريمة بعد فترة زمنية تُمكن من إمكانية تلويث مسرح الجريمة وإخفاء الأدلة وطمسها ، أضافة لعدم موضوعية ومنطقية أقوال شهود الإتهام ، بما يوحى بفشل الإتهام فى “الترتيب.و التنسيق القانونى” لأقوال شهود الإتهام قبل المثول ، وإن كان هناك ترتيب وتنسيق فهذا فشل أكبر ،،، فالسؤال الموضوعوعى من ضيع حق الشهيد “طارق” ، أقله فى هذه المرحلة الإبتدائية ؟.
* كما تلاحظ ،عودة البعض للمربع الثورى الأول الذى تأسس حينه قضية الإتهام ، وبدون متابعة لسير المحاكمات والمرافعات وحيثيات القرارات ذهب إلى تسيس أحكام القضاء ووصفها بأنها تاتى فى إطار التمهيد “لعودة النظام السابق” ، الذى يقبع قادته ورموزه والمتسببين فيه في السجون بأمر ذات القضاء والذى ينطر فى الدعاوى ضدهم ، فبالتالى ليس من اللائق التعرض للقضاء فى قضايا قيد النظر حتى لا تتأثر العدالة، ووفق صحيفة الإنتباهة ، فقد حمًل عضو اللجنة الفنية المشتركة لتوحيد مواثيق لجان المقاومة الأستاذ “اسامه عمر” الحرية والتغيير مسئولية اطلاق قتلت الشهداء لجهة انها لم تجري الاصلاح في النيابة والقضاء في فترة حكمها مع المكون ، وإن كنت اتفق معه فى فشل حكومة الحرية والتغيير فى إصلاح النيابة بما يؤهلها فى آداء مهامها القانونية واولها “عبء إثبات الإدعاء” فى دعاوى الاتهام بقتل شهداء الثورة ، واختلاف معه فى اصلاح القضاء الذى يقضى ويحكم بموجب وقائع وحيثيات مثبتة توضع أمامه معلومة ومتاحة الكافة . والسؤال حتى متى هذا التسيس والخلط السالب بين ماهو قضائى ، وهو سياسى؟ وحتى متى يظل الجانى والفاعل الحقيقى حرا طليق نتيجة هذا الخلط والجدل التشاكسى الغير مجدى ؟ وهل هذا منتج وذو أثر قانونى فى رحلة البحث عن حقوق الشهداء عليهم رحمة الله ؟؟
* من زاوية مغايرة ، فقد، نال أفراد الجهاز على براءتهم قضائيا ومبدئيا وباتوا مُطلقى السراح ، فمتى تحصل مؤسستهم المُقيدة على براءتها ولو معنوياً ؟ فهنالك العديد من الوثائق المقرؤة والمسموعة والمشاهدة تتهم وتقدح وتسئ فى مؤسسة الجهاز ، وإن كان الإتهام موجه لجهاز الأمن والمخابرات الوطنى ، فهذا لا يعفى جهاز المخابرات العامة من المسئولية خاصة أن بعض من هذه الوثائق يُمثل جريمة ممتدة الأثر على الأمن القومى السُوداني ، على سبيل المثال ،مؤلفات وكُتب الكاتب (فتحى الضو ) والتى تحتوى.على معلومات ضارة بالأمن القومى ومصنفة بدرجات تنبيه وتحذير معروفة تمنع مجرد الإقتراب منها ،حتى وان كان الكاتب “حسُن النية” ، وينتغى غرض نبيل مستهدفاً جهة أخرى خاصة ، نما إلى علمه وذهنه بأنها ذات صلة ما بجهاز الامن العام والقومى ، فبمجرد الوصول لتلك المعلومات وإفشائها يعد تجسساٌ وإختراقاً وإثارة حرب بنص القانون الجنائي السودانى،، ناهيك عن قوانين الجهاز الملغاة أو السارية .
* ،فى خضم كل ذلك ، تقف الإدارة القانونية للجهاز والمعنية بكل الجوانب القانونية ،عاجزة عن المقاضاة والدفاع عن أمن مؤسسة الأمن ، والسؤال الموضوعى هنا ،.هل بإمكان مؤسسة لا تستطيع.حماية أمنها ، بمقدورها حماية أمن قومى؟؟ هل يحق للإدارة القانونية بالجهاز المطالبة برد الصلاحيات للجهاز ، وهى لا تقوى على رد الإتهامات عنه ؟
* فإرشيف التلفزيون القومى والفضاء الإسفيرى ، والفضائيات الداخلية والخارجية والصحف و والمواقع اللإكترونية غنية بالمواد والأدلة التى تصلح لتأسيس دعوى قضائية ضد كل من وجه إتهاماته المباشرة ، والتى تقدح فى سمعة ووطنية ومهنية الجهاز ، ولم نسمع او نقرأ عن أى دفاع قانونى صادر من مؤسسة الجهاز ، أو حتى بيان ، والقاعدة الشرعية والقانونية تقول ان ( الصمت فى معرض الحاجة لبيات ، بيان) وإن كان “صاحب الحق” راضى ، فما دخل القاضى؟؟.
* خلاصة القول ، لدى إعتقادى شخصى بأن ” شهداء الثورة وجهاز الأمن والمخابرات الوطنى” كانوا ضحايا لمخطط يستهدف هذا البلد ” السُودان”،
* أعتقد ، أن هذا المخطط مرسوم بدقة لا تُرى بالعين المجردة ، ولا
يستقبم عقله وتصديقه حين كشفه ، لذلك الكثير قد يستغرب ويستعجب لهذه المزاوجة وثنائية الضحايا التى وبفضل المخطط الدقيق وبذكاء مخابراتى فائق ومتقدم، تم وضع وحشر صورة ذهنية فى أذهان الجميع خاصة ، الجهاز و الثوار ، بأن كل طرف عدو للآخر ، وهذا بالطبع غير صحيح ، ولكن مقتضيات نجاح المخطط الآثم ، لابد من جهاز يفكك وأمن يُسحق ، ودماء تسفك وأرواح تزهق . ونسأل الله السلامة للوطن وللجميع