الحرب والمغتربين (١)

*قبل عامين-ربما تزيد قليلا- كتبت في هذه الزاوية عن نار الغربة التى تحرق الطيور المهاجرة وجحيم السودان بأسعار الأسواق المنفلته وترد الخدمات وقله الأمن في عاصمة المليون ميل الا ربع.
*كنت حينها افكر جديا في الهجرة وترك اسرتي الكبيرة والصغيرة وترك الاصحاب والجيران وأصدقاء الدراسة،فكرت كثيرا في الهجرة من أجل مستقبل أفضل لابنائي ،وكنت مشغولا حينها بتوفير لقمة العيش “الحلال”في زمن اختلط فيه الحلال بالحرام.
*كنا نعرف أن السودان ومنذ اعتصام القصر وقبله احداث مجذرة اعتصام القيادة العامة سائر في درب مجهول ومظلم وقد تكون نهايته حرب ضروس ،وتحقق ماكنا نغشاه وبمستوي اكبر وافظع من الخيال.
*اجبرتنا حرب الخرطوم التى بدأت باطماع السلطة وانتهت بدمار البني التحتية وتشريد الأسر والقتل والاغتصاب ،اجبرتنا على الهجرة ومعي الملايين الذين هربوا من جحيم الحرب الي نار الأمن ببعض الولايات ودول الجوار،وان كنت محظوظ قليلا بأن هجرتي -المؤقته- كانت للأراضي المقدسة حيث تأوي افئدة المسلمين الي مكة معتمرين أو حاجين.
*خلال تواجدي في المملكة العربية السعودية تعرفت عن قرب على الكثيرين الذين ماكان لي أن اعرفهم وانا هناك حيث مقرن النيلين،تعرفت على رجال بعضهم قريب وآخرين غرباء رحم ولكنهم أصبحوا أقارب بمعاملتهم وشهامتهم وحسن نواياهم.
*لن اذكر اسماء فالجميع هنا هم جمال شيل عقولهم في أعمالهم هنا وقلوبهم هناك حيث الحرب التى دمرت كل شي ولكنها فشلت في تفتيت المؤسسة العسكرية ونهبت كل شي حتى تراثنا في المتاحف ولكنها لم تنجح في نهب بعض القيم والموروثات.
*ستنتهي الحرب باذن الله بانتصار جيشنا القوي وإرادة الشعب السوداني وسيعود الجميع الي ديارهم ولن ينسوا وقفة ابنائهم في الخارج معهم وهم الذين يمدون لهم أيديهم بيضاء بالخير في كل مناطق وقري السودان التى انتشرت فيها التكايا لتقديم مايجود بها أبناء السودان بالمهجر والداخل.
*مغتربو السودان وتحديدا السعودية يكابدون من أجل اهلهم في السودان ويحملون الهموم على رأسهم من أجل تقديم يد العون ولكنهم يعانون كثيرا في بعدهم عن الوطن والأهل ويعانون كذلك في بعض الرسوم المفروضة عليهم وبالأخص رسوم تجديد وثيقة السفر “الجواز”، فهل يعقل أن يصل جواز السفر في سفارتنا بالرياض الي تسعمائة وخمسين ريال؟اي مايعادل قرابة السبعمائة الف جنيه.
*رسوم جواز السفر في السودان الان أقل من مائة وخمسين الف؟هل يعقل أن تكون كل هذه الزيادة هي منصرفات أخري في سفارتنا في الرياض؟؛سؤال يحتاج الي إجابة إن كان من السفارة أو وزارة الداخلية .
*وحتى إن كانت هناك منصرفات لماذا لاتتحمل حكومة السودان جزء منها خاصة وأن الأوراق الثبوتية مفترض هي خدمة تقدمها الدولة لمواطنيها ،ففي هذه الحرب يتحمل أبناء السودان العبء الأكبر من المنصرفات لأهلنا الذين يعيشون اصعب الايام مع الحرب وارتفاع الأسعار وندرة العلاج وانعدام الأمن.
*نعلم أن هناك منصرفات قد تكون زائدة في استخراج هذه الوثيقة المهمة ولكن مبلغ يقارب الألف ريال يعتبر خرافي مقارنة بالسعر الحقيقي لاستخراج هذه الوثيقة .
*نسأل الله أن ينصر جيشنا في هذه الحرب التى تضرر منها المواطن قبل حكومة الفلول-كما تدعي المليشيا- وتضرر منها المغترب الذي يكابد من أجل توفير حياة معقولة لأسرته بالسودان ومع ذلك يعاني كثيرا من ارتفاع رسوم الأوراق الثبوتية في سفارات السودان بالخارج .
*سيكون لنا عودة للكتابة عن الكثير والمثير في ارض الحرمين الشريفين ،خاصة فيما يتعلق بأبناء الوطن في دار الغربة .