أخبار عاجلةمقالات

نزار حسين يكتب..(68) عاما من (أدب الأحاجي)..!

(بروباغاندا)

قبل 68عاماً من الآن، ترك الإنجليز هذا البلد الذي غزوه مستهدفين ماله ورجاله..!
ما بالسودان من خيرات لا يحصيه العاد الحصيف ويعجز عن تفنيده الخبير الحاذق، فحتى ترابه ثروة ورماله مخزون من الخام الذي يستفاد منه في الصناعات الحديثة وأنهره ونيلاه وبحيراته وجباله بل حتى شمسه ثروة..!
وقد سار الركبان بالحديث عن الفيتامينات والمواد الدوائية الموجودة في منتجاته الزراعية وثماره الخاصة التي لا توجد في أي مكان في العالم والتي لا يعرفها العالم إلا بنسبها للسودان..!
التعداد السكاني للسودان يصل الآن وبعد أن تم فصل جنوبه لدولة مستقلة عام 2011م، إلى ما يفوق الـ40 مليون نسمة، وتمتد أراضيه الشاسعة بامتداد الرؤية بحيث أن هذا الشعب لا يستطيع مهما انتشر أفقياً أن يملأها، وهي الأراضي الخصبة المسطحة التي تقبل أي نوع من الزراعة، والتي تحمل في جوفها المعادن العديدة واليورانيوم والنفط الذي لم يُكتشف ولم يستخرج منه إلا القليل..!
شمس السودان هي معمل طبيعي لإنتاج الطاقة، ببلوغها أقصى درجات الحرارة طول العام..!
وإنسانه يمتاز بذكاء حاد وقدرة فائقة على الاستيعاب وقوة التحمل لأي نوع من ضغط العمل، وفي مجتمعه صفات لا توجد في كل شعوب العالم، فقيمة التكافل الاجتماعي والتواد والتراحم وصلة الرحم تحقق أرقاماً لا تصدقها بقية الشعوب العصرية.. حيث إن الجد الثالث وربما الرابع يظل موجوداً في ذات البيت الذي يولد فيه الحفيد الخامس وربما السادس..!
قبائل السودان قد تستعصي على المُحصي لكثرتها وتنوعها وتنوع لهجاتها وبيئاتها، لاتساع رقعة الأرض متنوعة المناخ والبيئة..!
السودان من الدول التي فاق عدد شبابها شيوخها وكبار السن، فهو بلدٌ مزواجٌ ولود، لا يكاد يخلو طريق فيه من مجموعة من الأطفال ينثرون البهجة والحب، ومعدل مدارسه وجامعاته في ارتفاع مطرد، لا تكاد تحفظ أسماءها، وحفلات الزواج التي لا تنتهي في كل المواسم تفوق بلا شك، سراديق العزاء..!
الشعب السوداني شعب منفتح، بشوش، مضياف، تجد بينهم كل جنسيات العالم، بل هناك من اتخذوا منه موطناً، فيه الاغريق والهنود والمصريون والشوام واليمانيون والأتراك، وكثيرون من الدول الإفريقية يحملون جنسيته التي تُمنح بالميلاد لكل إنسان، ما يؤكد رقي ثقافة هذا الشعب الفطرية وحضارته الأزلية التي ترحب بالإنسان وتشاركه حتى الوطن ولو كان غريباً أو عابر سبيل أو حار به دليل الإقامة..!
وفي كل دولة من دول العالم تجد السوداني رقماً، فهم في المؤسسات الضخمة وفي الشركات والمصانع والمستشفيات، مهندسون وإعلاميون وأطباء ومهنيون ومدراء، يمتازون، بشهادة كل العالم، بالنزاهة والتميز والأمانة، وشميتهم دائماً الاختلاف، حُسْن المعشر والشهامة والكرم والمواقف، وأبناؤهم في المدارس دائماً في مقدمة الصفوف، يحصلون على الدرجات العليا، ويتميزون في المحافل بالتفوق العلمي ويُدهشون العالم.
لكن.. رغم كل هذا التميز المطلق لهذا البلد، ظل منذ أن أشرقت الشمس على الكرة الأرضية مكلوماً مألوماً وإنسانه في حالة من الحروبات والتشتت..!
68 عاماً مرت ليأتي عيد الاستقلال هذا، وهو في أعظم أزماته على مر التاريخ..!
ما الذي يجعل هذا الشعب (المتميز) في هذه الأرض (المتميزة) بهذا البؤس، ما الذي يجعله دائما يهاجر؟! ويلعن تاريخه؟! ما الذي يجعله يحتفي بالماضي دون أن يتمكن من صناعة حاضر أفضل ينتهي إلى مستقبل يحقق فيه أحلامه؟!
هذه الأسئلة إن لم نجب عليها فلن نستطيع أن نغير واقعنا أبداً وسنظل إلى الأبد مجرد أرقام يكتب عنها أدب الأحاجي كتباً تحكي عن شعب أُعطي كل شئ لكنه لم يحصل على أي شئ سوى الحسرة على مجد الماضي والبكاء على مآسي الحاضر والتفكير في الهجرة من أجل مستقبل أفضل، غالبا، لم يصل إليه أحد..!

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى