أخبار عاجلةمقالات

د.وليد شريف عبدالقادر يكتب..2025م عام الهمس في أذن صديق

???????? أمصال وإبر ????????

✍️ د. وليد شريف عبدالقادر

◼️رئيس القسم الطبي بصحيفة ( *الإنتباهة* )

◼️في قصة جميلة للكاتب الروسي الكبير تشيخوف … التقى رجلان غريبان في محطة القطار ، أحدهما بدين أنيق كان خارجاً من مطعم المحطة و الآخر نحيف جاف العود كان نازلاً لتوه من القطار ومعه زوجته النحيلة وولده وحقائب وصناديق ، واكتشف كل منهما إن الآخر هو صديق الطفولة القديم فاندفع يحييه و يعانقه …. ووقف الاثنان مبهورا الأنفاس من المفاجأة السعيدة ، وقدم النحيف للبدين زوجته وولده وراح يذكِّره باللقب الذي كان التلاميذ يغيظونه به في المدرسة والبدين يضحك من أعماق قلبه ويذكِّره بلقبه الآخر الذي أطلقوه عليه ويسأل البدين صديقه القديم عن أحواله فيجيبه انه لا بأس بها صحيح أن المرتب ضئيل والوظيفة صغيرة … لكنه موظف محترم في الدرجة الثامنة وزوجته تساعده بإعطاء دروس في الموسيقى … وهو نفسه يصنع علباً خشبية جميلة ( للسجائر) ويبيعها الواحدة بروبل ، وقد نقل إلي هذه المدينة ثم يسأله عما يعمل فيجيبه البدين بتواضع انه يشغل وظيفة مستشار سام بالحكومة وحاصل على وسام النجمتين !! ؟ … فيمتعق وجه النحيف حين يعرف انه أمام احد كبار موظفي الدولة الذين يرتجف إذا زار أحدهم وزارته ـ وتذهل زوجته ويذرر ابنه (جاكتته ) بحركة لا إرادية ثم يتمالك نفسه ويبتسم ابتسامه عريضة ويقول له فجأة : أنني سعيد جداً بلقائك يا صاحب السعادة !! وترن عبارة صاحب السعادة رنيناً غريباً في أذن البدين ويحس كأنّ ( حاجزاً خيالياً ) قد انتصب فجأة بينه وبين صديق الطفولة القديم فيقول له معاتباً : ما هذه اللهجة الجديدة ونحن أصدقاء طفولة ؟ لكن النحيف لا يستطيع أن يستعيد صدق مشاعر الصديق القديم فقد أفسدها عليه إحساسه بالفارق الوظيفي الكبير بينه وبين زميله السابق فيعود للحديث بنفس الابتسامة المصنوعة والخشوع الزائد … فيحس البدين أن لحظات الصفاء القديم انتهت فيصافحه وينصرف في أسى وحزن … ويتحسر على لحظات
الصفاء التي كانت منذ دقائق بينهما.. ويترك صديقه و الأسرة البائسة وهي في دهشة و ذهول سعيد .

◼️عزيزي القاري من قصة الروسي تشيخوف نلمح أن (حظ الأصدقاء) في مضمار الحياة الواسع يتباين بتباين عربات الأماني وقوة محركات إرادات سيرها ، فربما تكون عربات أحلام بعضهم تسير في طرق مرصوفة تخلو من علامات المرور الحمراء الكثيرة فتستغل هذا الطريق المعبد فتسير بسرعة فائقة و لا تعرف أوجه التوقف إلا بالوصول إلى محطات الأحلام صارت واقعاً ،وعلى جانب مغاير يكون حظ البعض الآخر كدقيق فوق شوكٍ نثروه ثم قالوا لحفاةٍ يوم ريحٍ أجمعوه أي (صخور تجعل من الأماني قبور).. ولكن عندما يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا سيرتفع بينهما (حاجزاً خيالياً) إذا ظن الأقل حظاً أن قريحة الزمان مختلة العروض ولم تجد له بقصيدة حظ جميلة متماسكة (حرف الرَّوِيّ..) فتجعله يغني على أنغام الخليل أوتار السعادة وأغنية رغد العيش وهنائه، فهنا يجب حينها أن يهمس الأوفر حظاً في أذن صديقه بمقولة كاتب الأدب الإنساني الرفيع عبد الوهاب مطاوع وأنا أهمس لك بها عزيزي صديق (أمصال وإبر) والتي تقول: ( ما أقلّ في هذه الحياة الصاخبة وما أندر حين يلتفت الإنسان حوله باحثاً عن راحة القلب والنفس مع صديق حقيقي أو مَنْ يطمئن إليهم بلا حواجز ولا ظنون فيطول بحثه قبل أن يجد بغيته الثمينة) فعليه حينما يجدها سيكون أكبر أحمق لو تركها تتسلل أو تضيع من بين يديه.. فلا تغير المناصب و الألقاب الكبيرة إلا معادن العقول والنفوس الصغيرة.

◼️وفي الختام حتى الملتقي أعزائي القراء أسأل الله لكم اليقين الكامل بالجمال حتى يقيكم شر الابتذال في الأشياء .

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى