أخبار عاجلةالاجتماعيمقالات

سلسلة البحث عن الحقيقة (٣_٤)

انطلاقاً من حق الجمهور في المعرفة وبحثاً عن حقيقة بوادر وأسباب الصراع بين وزارة المالية ولاية سنار وبعض الوحدات الحكومية فيما يتعلق بتطبيق القوانين واللوائح المنظمة لعمل الإيرادات نواصل الحلقة الثالثة من السلسة. وقضية الإيرادات في الولاية كما أشرنا إليها هي قضية متجذرة لذا نسعى للبحث عن حقيقتها وعكسها للجمهور من خلال سلسلة تتضمن إجابات على أسئلة تدور حول أسباب الصراع الدائر والبعض الآخر من الأسئلة يجيب عليها القارئ بفطنته وحصافته وفهمه للأمور ومجريات الأحداث وصولاً في الحلقة الرابعة والأخيرة بإذن الله إلى مقترحات حلول تعالج الخلل الإيرادي والإقتصادي في بيت مال الولاية.
وعدنا في الحلقة الماضية بأننا سنكشف عن أسباب الصراع بين محلية سنجة ووزارة المالية ممثلة في جهاز التحصيل في هذه الحلقة، إذاً ما هي الأسباب؟ وهل هذا الصراع بين وزارة المالية والمحلية صراع قانوني أم صراع شخصي؟ هذا ما نتطرق إليه في هذه الحلقة وللقارئ الحكم.

قانونية التحصيل:
من أهم مراحل التحصيل هي مرحلة إجازة الرسم أو ما يعرف بقانونية التحصيل، بمعنى أن أي رسم تفرضه الولاية يجب أن يخضع في المقام الأول لعدد من الخطوات تتمثل في؟
_ تسمية الرسم، مقترح الرسم، النقاش داخل الوحدة للرسم، عرض الأمر على مجلس الوزراء للإجازة ومن ثم على المجلس التشريعي في حال اكتمال هياكل الحكم ووجود مجلس تشريعي، ولغياب المجلس التشريعي في الفترة الأخيرة بسبب المتغيرات السياسية أصبحت أهم خطوة في هذه الخطوات السابقة خطوة الإجازة من قبل مجلس الوزراء، بمعنى أن أي رسم غير مجاز من مجلس الوزراء يعتبر غير قانوني ويعرض متحصله للمساءلة القانونية.
بعد إجازة الرسم ينزل القانون للوحدات للعمل به، وعادة ما يبدأ العمل بإجازة الرسوم في بداية السنة المالية والتي تبدأ من تأريخ الأول من يناير، ولكن في بعض الحالات الطارئة تتأخر إجازة الموازنة ما يؤخر بداية تحصيل الرسم والتي ستبدأ من تأريخ إجازة الموازنة.
في موازنة الولاية للعام ٢٠٢٥م تمت إجازة الرسوم الولائية في الأسبوع الثاني من شهر يناير، ولم تجاز الأوامر المحلية التي تخص المحليات إلا في الخميس الماضي ٢٠ فبراير أي أنه وخلال هذه المدة يعمل برسوم ٢٠٢٤م.

تعارض القوانين
حسب الترتيب المتعارف عليه والمعمول به في تطبيق القوانين أنه إذا ما حدث تعارض أو تقاطع بين القانون الإتحادي والولائي والمحلي فإن القانون الإتحادي يُقدَّم على الولائي والولائي يقدم على المحلي.
في فترة الرئيس السابق صدر قرار بإيقاف التحصيل العابر وإزالة الكثير من نقاط التحصيل الموجودة في الطريق القومي آنذاك، هذا القرار ما زال سارياً لأنه لم يصدر ما يفيد بإلغائه.
وفيما يتعلق بالتحصيل على العربات العابرة والتي تمر عبر الطريق القومي من ولاية إلى ولاية أخرى، منع القانون منعاً باتاً عدم تحصيل أي رسم على هذه العربات العابرة أو السلع العابرة، ولكن للظروف التي مرت بها الولاية وقلة الإيرادات بالمحليات والضغوط الأمنية والاجتماعية الكبيرة قامت عدد من المحليات بفرض رسوم على العربات والسلع العابرة تتراوح قيمتها ما بين ( ٤٠_٨٠ ) ألف جنيهاً في بعضها و(٥٠ _ ٢٥٠ ) ألف جنيهاً في البعض الآخر من محليات الولاية، والمدهش في الأمر أن هذه الرسوم يتم تحصيلها كلما مرت العربة بمحلية من محليات الولاية، فالعربة التي تأتي من ولاية القضارف متجهة إلى ولاية النيل الأبيض كنموذج يتحصل منها في محلية الدندر وفي محلية سنجة وفي محلية سنار ، وبهذا الشكل أصبحت محليات الولاية تتعامل وكأنها دويلات داخل دولة.

استيضاح وتهديد:
تقدم أصحاب غرف النقل والتجار بشكوى إلى ديوان الحكم الإتحادي لمعالجة الظلم الواقع عليهم بسبب التحصيل العابر من قبل المحليات فتدخل الديوان عبر الآتي:
_ خطاب استيضاح للولاية.
_ خطاب بإيقاف التحصيل العابر.
_ التهديد بإيقاف الرسوم الولائية، هنا استشعرت وزارة المالية الخطر باعتبارها المعنية بجمع وتحصيل الإيرادات والإنفاق على الخدمات،فقامت بتوجيه جهة الإختصاص (جهاز التحصيل) لمعالجة هذا الخلل عاجلاً حتى لا تتضرر الولاية، عندها قام جهاز التحصيل بالتنسيق مع أمين عام حكومة الولاية ودعوة المدراء التنفيذين بالمحليات لمناقشة الأمر والخروج برؤية تراعى فيها مصالح الأطراف جميعاً ( لا ضرر ولا ضرار) وبالفعل تم عقد الاجتماع لكنه فشل دون التوصل لاتفاق لخروج المدير التنفيذي لمحلية سنجة واعتذاره عن عدم القدرة على مواصلة الاجتماع بحجة دعوة وجهت له من السيد الوالي رغم إصرار أمين عام الحكومة وأغلبية الحاضرين بالبقاء إلى حين الوصول الى اتفاق وحسم جدل التحصيل غير أنه رفض بناءً على تقديراته.
في اليوم التالي وجه الوالي السابق ( توفيق محمد علي) وزير مالية الولاية بإيقاف التحصيل العابر لحين إشعار آخر، وتنفيذاً لهذه التوجيهات وجه وزير المالية ابإيقاف التحصيل العابر ووجه جهاز التحصيل بمتابعة تنفيذ الأمر.

من هنا بدأ الصراع
عندما حاول جهاز التحصيل إنزال توجيه وزير مالية الولاية بإيقاف التحصيل العابر إلى أرض الواقع حدث اعتراض من متحصلي محلية سنجة بعدم تنفيذ التوجيه ورفضوا الإنصياع إلى أوامر مدير جهاز التحصيل (المدير المباشر للمتحصلين ) بحجة أنهم يتبعون إدارياً إلى المدير التنفيذي، هنا وحسب معلوماتنا أن مدير جهاز التحصيل تواصل مع جهاز الأمن الإقتصادي باعتباره الشريك الأساسي لوزارة المالية في معالجة الكثير من القضايا الإقتصادية التي تخص المالية، فتدخلت الأجهزة الأمنية وحدثت مشادة بين الأجهزة والمدير التتفيذي لمحلية سنجة وصلت إلى نتائج غير متوقعة أدت إلى تشويه صورة الولاية والمسؤولين فيها، هنا تتبادر إلى الذهن عدد من الأسئلة نصوغها في الآتي:_
_ لماذا رفض متحصلي محلية سنجة الإنصياع إلى مديرهم المباشر والنأي بأنفسهم عن هذا الصراع ؟
_ لماذا لم يلجأ جهاز التحصيل الموحد إلى إتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة ضد المتحصلين قبل البدء في إتخاذ أية إجراءات أخرى؟
_ لماذا لم تلتزم محلية سنجة بتطبيق التوجيهات الصادرة عن حكومة الولاية وديوان الحكم الإتحادي بشأن وقف التحصيل للعربات العابرة خاصة وأن مديرها التنفيذي عضواً في مجلس الوزراء ويعلم علم اليقين بمخاطر التحصيل العابر ؟
_ هل عمل جهاز التحصيل بالإجراءات القانونية اللازمة واللوائح المنظمة للعمل حسب اختصاصاته أم تحول الأمر إلى صراع شخصي؟

إيرادات ضخمة:
وحسب المعلومات أن المحليات ركزت بعد تحريرها من قبضة المليشيا، والتحية هنا للجيش والأجهزة الأمنية الأخرى وكتائب المجاهدين والمستنفرين الذين دحروا التمرد وحققوا النصر والأمن للولاية آملين أن تسترد محلية الدالي والمزموم قريباً لإسترداد العزة والكرامة لمواطن سنار،
ركزت المحليات على التحصيل العابر لميزته في سهولة التحصيل وأنه غير مكلف حيث يصل التحصيل في اليوم الواحد إلى ما يقارب ( ١٥) مليار جنيه، لهذا اعتمدت عليه المحليات اعتماداً كبيراً في تسيير أمورها ومقابلة الصرف لإعادة ما دمرته الحرب، نقول في هذه السلسلة إن هدفها (المحليات) في الإعمار مقبول ومأمول من حيث الواقع المشهود لكنه غير قانوني ومرفوض بتوجيهات وقرارات عليا، ومن الواجب احترام التوجيهات الصادرة والقوانين انطلاقاً من الواجب الوطني والمسؤولية الأخلاقية.
ونعلم أن وزارة المالية بالولاية قد ساهمت مساهمة كبيرة في إعادة توفيق المحليات لأوضاعها بعد الحرب خاصة محلية سنجة والتي يفوق الدعم المقدم لها ( ١٢٠) مليون جنيه لمقابلة إعمار ما دمرته الحرب.

رجاء وأمل
وبرجوعنا إلى أسباب الصراع نجد أن معظم مشاكل الخدمة المدنية يتسبب فيها أفراد وتتحول إلى صراع مؤسسات ( يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار) نأمل ونرجو أن لا يمضي الناس وراء أهواءهم وأمزجتهم فبذلك يعيقون تقدم العمل وجودة الخدمة للمواطن وتطور الولاية.
كما نرجو من إدارات الخدمة المدنية الإهتمام بالتدريب لرفع مستويات الأداء وجودة الخدمة، ويجب أن تتوفر الرغبة لدى العاملين لتطوير القدرات الذاتية والمهارية، وندعوهم جميعاً والمتحصلين جزءاً منهم إلى إتخاذ د. قريب محمد راجع نموذجاً يحتذى به حيث تحول د. قريب من خفير في جامعة أم درمان الإسلامية إلى رئيس قسم الحديث في نفس الجامعة إلى (أسماء في حياتنا). وهنأ نسأل: هل التمرجي سيصبح في يوم من الأيام طبيباً ويمنح امتيازات الطبيب ما لم يؤهل نفسه ويقرأ الطب؟ وهل الزيات سيصبح في يوم من الأيام مهندساً حقيقياً وليس مجازاً ما لم يؤهل نفسه ويدخل كلية الهندسة؟
وبهذا نستطيع القول ولأهمية العمل العام ولأننا ننشد التحسين والتطور إن أي شخص لا يؤهل نفسه غير جدير بالاستمرار في الخدمة وليس جدير بأن يسجل اسمه في التأريخ.

أسئلة مشروعة؟
دعونا نطرح مجموعة من الأسئلة إلى السادة في وزارة المالية، ما هو دور منسوبي وزارة المالية بالوحدات الحكومية في متابعة تطبيق اللوائح والقوانين المنظمة لعمل المالية؟ أين دور الوحدة المالية والمراجع الداخلي والمفتش المالي؟ ولماذا يتم تسليم المتحصلين في الدرجات العمالية دفاتر تحصيل على الرغم من أن اللوائح تمنع ذلك؟ وما هي المصلحة في ذلك؟

أسئلة معلقة:
كما نتوجه بعدد من الأسئلة إلى السيد المدير التنفيذي لمحلية سنجة وهي:
_ هل التحصيل العابر قانوني أم غير قانوني؟
_ هل الرسوم التي تفرض على العربات العابرة والتي تتراوح ما بين (٥٠ – ٢٥٠ ألف) جنيه مجازة من مجلس الوزراء أم غير مجازة؟ وهذا السؤال تشترك فيه جميع محليات الولاية.
_ نسبة التحصيل التي يتم منحها للمتحصلين هل هي صحيحة أم غير صحيحة؟
_ من المسؤول من استلام رسوم الدولة وأين تورد؟
_ ما هي علاقة محلية سنجة بالحساب الخاص بأحد أفراد القوات النظامية؟ نتحفظ على ذكر رقم الحساب.
_ ما هو أقل مؤهل لقبول المتحصل في الخدمة العامة؟
_ لماذا لم تلتزم محلية سنجة بتطبيق قرار وزارة المالية الذي يمنع إيجار العربات؟
_ لماذا تستأجر محلية سنجة عربة تستخدم في عملية التحصيل العابر على الرغم من أن وزارة المالية تمنع إيجار العربات بقرار؟
الأسئلة أعلاه والخاصة بمحلية سنجة وددنا أن نجد لها إجابة من المدير التنفيذي للمحلية إلا أننا لم نوفق رغم تواصلنا مع مدير إعلام مكتبه ومدير مكتبه والتواصل معه شخصياً عبر الهاتف للترتيب للقاء قصير، وهذه الأسئلة ستظل مطروحة على المحلية وسنجيب عليها متى ما توفرت الإجابة إن أرادت المحلية ذلك.

إلى متى؟
ويبقى السؤال الأهم إلى متى سيظل الصراع؟ وإلى متى تستتمر المحليات في التمترس وعدم تطبيق اللوائح والقوانين؟ حيث ما زالت المحليات لم تلتزم بتنفيذ إيقاف التحصيل العابر رغم صدور توجيهات حكومة الولاية بوقف التحصيل العابر وتوجيهات وزير ديوان الحكم الإتحادي للمرة الأولى والثانية بخطاب ملحق للالتزام بالقوانين والقرارات فيما يتعلق بشأن التحصيل العابر، هل استمرار المحليات في التحصيل العابر يقصد منه إعاقة إنسياب التجارة العابرة والسلع الإستراتيجية في الطرق القومية؟ أم يعتبر ذلك تحدياً من المحليات للقرارات والتوجيهات الصادرة عن حكومة الولاية والمركز؟ وما انعكاسات ذلك على الولاية في ظل التهديد الإتحادي بوقف التحصيل؟ والمواطن ينتظر ويتطلع إلى تقديم خدمات وإعمار ما دمرته الحرب.
نناشد كل الأطراف بالاحتكام إلى صوت العقل والالتزام بدولة القانون والنأي عن الصراعات الشخصية من أجل مواطن منكوب ومكلوم، ونعد القراء والمتابعين بتقديم مقترحاً كاملاً للحلول من خلال مشاركة ورؤية الخبراء لمعالجة الخلل الإقتصادي الموجود في وزارة المالية في الحلقة الرابعة والأخيرة.

،،، لكم الشكر ،،، وبإذن الله نواصل ،،،

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى