أخبار عاجلةالاجتماعيمقالات

حين غابت الخُطة… وابتدأت الخيانة

 

في تاريخ الحروب، قليلٌ من المعارك تبدأ بخيانة، لكن نادراً ما تبدأ الحرب بخيانةٍ بلا خطة. تلك كانت حالة السودان في 15 أبريل 2023، حين أطلقت قوات الدعم السريع أولى رصاصاتها لا لتحرير موقع أو الدفاع عن وطن، بل لتنفيذ انقلابٍ صريح، لا يشبه الانقلابات الكلاسيكية في شيء، لأنه لم يبدأ بخطاب إذاعي ولا ببيان “رقم واحد”، بل بطعنات في ظهر الشراكة العسكرية.

السياق التمهيدي: دلائل على انقلاب مخطط

قبل يومين فقط من اندلاع القتال، أرسلت قوات الدعم السريع وحدات مدججة بالسلاح إلى قاعدة مروي الجوية، دون تنسيق مع الجيش، في خطوة بدت استباقية ومريبة. وعند سؤاله عن تلك التحركات، ادعى حميدتي أنها “جزء من الترتيبات العسكرية”، رغم أن الواقع أشار الي عكس ذلك قحميدتي كان يرغب في تحييد كل سلاح الجو السوداني و ذلك ما قاله في التلفاز عند إقلاع اول مقاتلة ألقمت المليشيا حجر الموت بتدمير مراكز اتصالها و مراكز تخطيطها و تشوينها التي عكفت شهور عليه …
كان المليشيا تحاول كانت تسعى للسيطرة علي كل مطارات السودان سريعًا، كمن يقطع الاتصالات عن قيادة الخصم.

ثم جاءت الموجة الثانية من الحشود: عربات مدرعة تنتشر حول القصر الجمهوري، ومجموعات اقتحامية توضع قرب القيادة العامة ومطار الخرطوم الدولي، دون أي تنسيق مع هيئة الأركان.

هذا التموضع الثلاثي (مروي – القيادة العامة – المطار) لا يمكن تفسيره إلا كتحرك انقلابي كلاسيكي، يسعى للسيطرة على الجو والقرار والرمزية، خلال ساعات معدودة.

كرونولوجيا الأحداث: من الخطة إلى الخيانة

• 13 أبريل 2023: تقارير عسكرية تتحدث عن تمركز غير مبرر لقوات الدعم السريع في مروي.
• 14 أبريل 2023 (ليلًا): استمرار الحشد في الخرطوم وأطراف القيادة العامة، مع تجاهل تام لتوجيهات القوات المسلحة.
• 15 أبريل 2023 (6:30 صباحًا): اندلاع المواجهات الأولى، هجوم على القيادة العامة، مطار الخرطوم، ومحاولة فاشلة للسيطرة على مروي.
• 15 أبريل (ظهيرة): فيديوهات تُظهر أسر طيارين مصريين في مروي، كدليل على التنسيق المسبق بين الدعم السريع وبعض الفصائل الخارجية و رسالة الي الخارج بان الأمر قد انتهي.

• اليوم ذاته: 35 جنديًا من الحرس الرئاسي و3000 مقاتل في القيادة العامة يصمدون في وجه موجات الهجوم، رغم الغدر المباغت.
• 16 أبريل: يتضح فشل خطة السيطرة الكاملة خلال الـ48 ساعة الأولى، وينقلب حلم حميدتي إلى مستنقع حرب أهلية دامية.

الخيانة لا النصر

حميدتي لم يحتل موقعًا واحدًا. لم “يحرر” منطقة كما زعم، بل زرع الموت بين أهله، وأعلن الحرب على وطنه. حتى قواته، لم تكن كلها تعلم بالخطة. الكثير منهم اعتقدوا أنهم في مهمة “لحماية الانتقال المدني”، ليكتشفوا أنهم وقود لمشروع شخصي انقلابي.

إنه لم يقاتل الجيش… بل خان من يقاتل إلى جانبه. لم يُفاجئ العدو… بل غدر بالحليف.

تلحف بأكذوبة ان الجيش هو من أطلق الطلقة الاولي فصدق كذبته و سخر لها كل امكانياته و أبواقه ناسيا ان الجرائم في الحرب لا يحملها من أطلق الطلقة الاولي بل من فعلها و امر بها و تامر و نفذ حتي ذلك الذي كان بامكانه ايقاف الجرم و لم يفعل

الظل النووي في هذه القصة

في هذه اللحظة، لم تكن الحرب قدرًا، بل نتيجة مباشرة لغياب الضمير، وخيانة الاتفاق، وانعدام الحكمة في إدارة دولة في مفترق طرق.

لقد تشكل “الظل النووي” حين انطلقت أول رصاصة من بندقية غدر، لا مواجهة. الظل النووي في هذه القصة هو صمت الذين رأوا، وعلموا، وصمتوا. هو اللحظة التي تحوّل فيها الوطن إلى ساحة خديعة، لا إلى ميدان بطولة.

في بداية الحرب… كتبنا:

“إذا فقدنا الحكمة أوقات السلام، فلنجد النبل وقت الحرب”
فلم نجد في هذه الحرب إلا الخسة و الغدر و القتل بكل حقد

“نشوفكم يعافية و حين سلام …
قد ينقطع الإنترنت عنا …
سوف نبقى هنا كي نزيل الألم …
سينجلي هذا ونعود لنبتسم …
إلى الأجيال القادمة: اقتصوا لمن قُتل
ولا تثقوا بالسياسيين، لا تثقوا بالسياسيين…
لا تؤجلوا معارك اليوم إلى الغد …
اجتمعوا على وطن … فقد تفقدونه في غمضة جفن…”

فلو مضينا اقتصوا لنا فالدم و غضنا البصر عن الاقتصاص كان حافز للقاتل ليرتكب مزيد من الجرائم.

إلى ديّان يوم الدين نمضي

إلى من خطط ودبر وتآمر…
وإن كنت تنام قرير العين، فاعلم أن الله هو العدل، حي لا يموت، لا يمكن تضليله بالكذب.
والله، والله، لو مات كل هذا الشعب، ستحاربكم ذرات رماله.
وإن لم نقتص في هذه الدنيا…
إلى ديّان يوم الدين نمضي،
وعند الله تجتمع الخصوم.

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى