أبي….الاعلامي الذي جعل من حياته رسالة ومن صموده درسا “رحلة تعب وعطاء لا تنسى”
في حياة كل إنسان، هنالك شخصية استثنائية تمنحه القوة وتظل مصدر إلهام لا ينضب. بالنسبة لي وللكثيرين من معارفي، تلك الشخصية هي والدي، الإعلامي السوداني الذي شكل حضوراً متفرداً في عالم الصحافة، وترك بصمة واضحة داخل السودان وخارجه.
منذ بداياته، اختار طريق الكلمة والحرف، فحمل قلمه ليكون صوتاً صادقاً، يعكس هموم الناس وينقل قضاياهم بموضوعية وشجاعة. كانت الصحافة بالنسبة له رسالة قبل أن تكون مهنة، وقدم من خلالها نموذجاً للإعلامي الملتزم بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية.
على مدار سنوات عمله، جمع بين الدراسة المستمرة والخبرة العملية، فحاز على شهادات عديدة، وشارك في مؤتمرات ودورات إعلامية داخل البلاد وخارجها، ما جعله مرجعاً في مجاله وملهماً لجيل من الشباب الذين تعلموا على يديه.
لكن خلف هذه الصورة المهنية المضيئة، يظل الجانب الإنساني أكثر ما يميزه. فهو أب عطوف وصديق قريب من أبنائه، يحمل في قلبه مساحة للجميع، يشارك معارفه وأصدقاءه بحب ووفاء، ويترك في كل من يقابله أثراً طيباً لا يُنسى.
لقد كانت حياتي معه مليئة بالدروس، ليس بالكلمات فقط، بل بالأفعال التي علمتني معنى الصبر، التفاني، والالتزام بالقيم.
واليوم، بينما يخوض والدي رحلة علاجية صعبة بعد إجرائه عملية زراعة شريان، أجدني أمام امتحان آخر من امتحانات الحياة: امتحان الصبر والدعاء. ورغم قسوة اللحظة، إلا أنني واثق أن القوة التي واجه بها التحديات المهنية والإنسانية ستعينه أيضاً على عبور هذه الأزمة بسلام.
إنه ليس مجرد إعلامي، ولا مجرد أب، بل هو إنسان ترك في قلوبنا جميعاً ما يجعلنا نعتز ونفخر به إلى الأبد. وكل ما نتمناه اليوم أن يعود لنا سالماً، يواصل مسيرته، ويظل نبراساً لنا وللإعلام السوداني.