أخبار عاجلةمقالات

شكيلاي … فارق أرض القاش وروح …..

صرير القلم : د. معاوية عبيد

 

في مسيرة الشعوب، هناك لحظات فارقة تترك فراغاً عميقاً في الذاكرة والوجدان، تلك اللحظات هي رحيل الزعماء والحكماء الذين شكّلوا ركائز للأمة، وأعمدة للاجتماع والتوجيه والرأي السديد
إن الزعيم ليس مجرد منصب أو لقب، بل هو روح تُلهم الناس، وبصيرة ترشدهم عند تقاطع الطرق، وضمير حيّ يعبّر عن آمالهم وآلامهم. أما الحكيم فهو من يزن الأمور بميزان العقل، ويطفئ نار الفتنة بكلمة، ويزرع الأمل في القلوب في أشد الأوقات ظلاماً، و في مشهد مهيب، يملؤه الحزن والوقار، شهدت ساحة قبائل الحلنقة تنظيم حفل تأبيني كبير لناظرهم الراحل، مراد جعفر شكيلاي ناظر عموم قبائل الحلنقة، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد مسيرة طويلة حافلة بالبذل والعطاء وخدمة مجتمعه ووطنه. وجاء التأبين بحضور واسع ضم قيادات أهلية، ورموزًا مجتمعية، ومسؤولين حكوميين، وشباب ونساء القبيلة، إلى جانب ممثلي الإدارات الأهلية والطرق الصوفية، والذين عبّروا جميعًا عن عمق الخسارة التي خلّفها رحيل الناظر، باعتباره أحد ركائز الحكمة، ورموز التماسك القبلي والاجتماعي في السودان، وخلال الكلمات التي أُلقيت في المناسبة، أُشيد بمواقف الناظر الراحل، ودوره في ربط القبيلة بوطنها الكبير، وسعيه في فضّ النزاعات، وتثبيت قيم السلم والتعايش، كما كان سندًا للمبادرات الخيرية والدعوية، وجاءت كلمات الحضور وعارفي فضله من رجالات الدولة و الإدارة الاهلية وصفاً بليغاً للراحل
الفريق الركن مصطفي محمد نور والي ولاية البحر الاحمر وصف الراحل مراد بأنه رجل إدارة أهلية لايشق له غبار، عفيف اللسان كثير الأفعال قليل الكلام كان حكيما ، واكد والي ولاية البحر الاحمر علي ثقته في رجالات و شباب و شيوخ وحكماء الحلنقة في قيادة القبيلة مع الناظر الجديد إلي بر الأمان مؤكداً وقفتهم معه .
اللواء ركن الصادق محمد الأزرق والي ولاية كسلا وصف الراحل بأنه الشيخ الورع الزاهد الرجل الأمة وبيت الحكمة، الحكيم المتصوف، الذي لا يخلط الإرة الأهلية بالسياسة وكان حريصاً علي جمع الصف ورتق النسيج الاجتماعي ووصف رحيله بالفاجعة الكبيرة والبلاد تستهدف في دينها و عقيدتها و إىثها و موروثاتها و مواردها و البلاد في امس الحاجة إلية وإلي أمثاله من رجالات الإدارات الأهلية والحكماء ، ووعد الصادق بإنشأ مكتبة في مدينة كسلا ثقافية تحمل بين أرففها كل الكتب وتحمل أسم الراحل مراد شكيلاي .
العمدة الصادق عمر كليل أشار إلي أنه كان يمثل قلب القبيلة النابض و هو أحد اعمدة الإدارة الأهلية القوية .
عبد القادر فكي وصف الراحل بالحصافة و طيب المعشر و التواضع والحكمة وبعد النظر و قوة الشخصية و الصوت الجهور في كلمة الحق و المسموع لدي كل الحكومات و كيانات الإدارة الاهلية حيث كان يشكل ثنائية مع نظار قبائل الشرق و تحدث فكي عن قيم ومورثات قبيلة الحلنقة ودور أبنائها الوطني وهم واضعي اللبنات الأولي للاستقلال و يمثلون أعمدة الحكم في البلاد و الآن لديهم العديد الذين استشهدوا في معركة الكرامة و آخرون قابضون علي الزناد وجمر القضية .
ممثل كيان الشمال أشار إلي أن رحيل شكيلاي خَلفَ حزناً عميقاً علي البلاد فقد كان الفقيد أحد ركائز الإدارة الأهلية الأساسين الذين اأرثوا قواعدها و ساروا فيها بالحسني و صانعاً للمعروف و مصلحاً إجتماعياً
علي محمد علي دقلل ممثل الإدارة الأهلية وناظر عموم قبائل البني عامر وصف الراحل شكيلاي بأنه يمثل ركيزه أساسية في الحكم و كان يشكل ثنائية معهم. ( كركبتي البعير ) في التصدي لكل الأمور الصعاب و الجسام و حلها بالحسنى فكانوا سداً منيعاً للبلاد و للإدارة الأهلية
موسي عبد الكريم ممثل أمين عام الحكومة وصف الراحل بأنه كان مرجعاً كبيراً من مراجع إدارة الحكم المحلي في السودان وكان متواضعاً ورجل إدارة أهلية بمعني الكلمة وبفقده تفقد البلاد ركيزة أساسية و لكن بفضل الله لقد خرج من رحم آل شكيلاي ، شكيلاي آخر المهندس علي عبد القادر شكيلاي نسأل الله له العون و السند .
د.مالك محمد وكيل ناظر قبائل الحلنقة بولايةالبحر الاحمر ، وصف الراحل بأنه هو شيخي و موجهي و مرشدي وهو رجل صالح و شجاع لا يخاف في الحق لومة لائم و كان حكيمًا متواضعًا .
وجاءت كلمة ناظر عموم الحلنقة المهندس علي عبد القادر شكيلاي خليفة الراحل مراد شكيلاي كلمة يملأها الحزن علي فقد عمه و تملأها العزيمة و الثقة بالنفس في قيادة دفة حكم قبيلة الحلنقة و نظارتها فهو ذاك الشبل من ذاك الاسد ، وتحدث عن الراحل بأنه كان متواضعاً ممازحاً معهم وصديقا و أخاَ وأباً ، و أكد شيكلاي الصغير علي السير في درب عمه والوقوف في مسافة واحد من الجميع و رسولاً للسلام
كل تلك الكلمات التي قيلت في المنصة و الكلمات التي قالها الجمع الغفير الذي شهدت ساحات ابناء الحلنقة بمدينة كسلا في تأبين الناظر مراد شكيلاي و تنصيب خلفه أبن أخية المهندس علي عبد القادر شكيلاي، كلها اجتمعت علي الحزن العميق الذي خلفه رحيل الرجل الحكيم الرجل الأمة ، وكلهم كانوا يرددون حين نفتقد هؤلاء، نلمس الفراغ في المجالس، ونحس بثقل القرارات، وتغيب عنا البوصلة التي كانت تضبط إيقاع المسير. ويظل المجتمع يبحث عن بديل، عن صوت صادق يملأ ذلك الصمت، وعن عقل راجح يعيد التوازن، لذلك بصموا بالعشرة علي تنصيب المهندس علي شكيلاي الذي خرج من بيت الحكمة و الحكماء، و همس الجميع في أذن شكيلاي الصغير وقالها شباب أبناء الحلنقة بصوت جهور و هم يبايعون الناظر الصغير : أن فقدان الزعماء والحكماء، لا يعني نهاية الطريق؛ بل هو دعوة لأن نستلهم سيرتهم، ونغرس قيمهم في الأجيال الجديدة. إن إرثهم الحقيقي ليس في الكلمات التي قالوها ولا في المناصب التي شغلوها، وإنما في المواقف التي خلدت أسماءهم، وفي القيم التي أورثوها لأهلهم و بلادهم ، و لذلك فإن أعظم وفاء لذكرى الزعماء والحكماء، هو أن نحمل راية الصدق والعدل والإصلاح، وأن نبني على ما تركوه لنا من إرث فكري وأخلاقي، لنصنع مستقبلاً لا يتيه بفقدان الأفراد، بل يقوى بعزيمة الجماعات.

البلد نيوز

البلد نيوز صحيفة إلكترونية تهتم بالشأن المحلي والعربي والعالمي معًا، مستندة على المصداقية ونقل الصورة كما هي للأحداث، وتمنح البلد نيوز للمبدعين والكتَّاب ساحة للإبداع وطرح الأفكار، وتسعى إلى دعم كل ما هو جديد ومفيد في شتى المجالات.
زر الذهاب إلى الأعلى