عصام الحسين يكتب.. وعد (بوليس)!!

حــــالة .. وطن
*أرى في وجهك خيبة أمل مُبرَّرة! إن رددت الانسحاب من الفاشر لتراجع قُدرات القوات المسلحة القتالية وفقدان قادتها زمام المُبادرة في الميدان فمُدَّت للجنجويد من مساحات السيطرة مدَّة واكتسبوا بعض أرض، ولك عليّ بيان ما أرى فيه داعياً للانسحاب أو إن شئت قُل (تولية الدُبر مُتحرفين لقتال)! فهل تعلم أن مقاتلات أجنبية اعتراضية أحالت سماء الفرقة (الثابتة) إلى جحيم وأن مسيرات معادية سممت أجواء المدينة بغاز الأعصاب المحرَّم دولياً؟! وهل كنت تدري أن مخابرات ثلاثة دول كبرى أدارت المعركة تقنياً لمصلحة الجنجويد؟! لا ريب أنك الآن فهمت كل شيء!*
فهمت أن انحراف مسار الحرب في السودان يتماهى مع مُبتغى التجزئة إلى دويلات ضعيفة العُرى تجتمع على جغرافيا ولا يجمعها تاريخ، ولا تقوى منفردة على صياغة مُستقبلها وإدارة مواردها فتُحال ساحة مُستباحة، كما فهمت من قبل أن الجنوب نُحر على ترانيم المسيح، وفي قبر (جون قرن) هتف باقان أموم (باي باي وسخ خرطوم)!
*ثم دار الزمان، فإذا بالشيطان يغوي الجنجويد فيقربوا ذات الشجرة الملعونة في القرآن.. شجرة باقان أموم ولما بدت سوآتهم طفقوا يقصفون عليها بدارفور، وهل في كل مرة ينسرب من الوطن جزء، نجد من يقول (باي باي وسخ خرطوم)؟!*
المُعضلة ليست هنا، إنما في ملاحظة أن سقوط الفاشر ارتبط مباشرةً بمشروع التقسيم، حتى أن المستشار (مسعد بوليس) كشف أن مبتغى الرباعية هي هدنة بدواعٍ إنسانية يمكن فرضها بالقوة لتمكِّين الجنجويد من بسط سلطتهم المدنية على ولايات (دار جنيد)!
*ولا تكتمل الصورة إلا ببيان أن مطلب الهدنة استوُجب كرتين، كَّرةً من منبر جدة لوقف انهيار الجنجويد فوجدوا فيها ضالتهم متموضعين في الأعيان المدنية، وكَّرةً بعد الفاشر لتدين دارفور بدين التعايشي وعبد العزيز الحلو !*
استقبالاً لما أُدبر وعوداً على بدأ وإستدراكاً لما سبق، لم يكن الانسحاب من الفاشر لأجل تمدُّد الجنجويد، إنما هو حلقة من حلقات التآمر أفسدها الجنجويد – وإن أردت افساداً فعليك بالجنجويد – إذ تمادوا في إغراق المدينة بالدماء بما رسَّخ في نفوس السودانيين بغضاء لم تستطع ترسيخها ناقة البسوس والتي بسببها اقتتل أبناء العمومة أعواماً ثقال!
*مُغترف الجنجويد في الفاشر وما تفرخ لأجله من حالة بين الغضب والإصرار وبين الأسى والثأر وبين الألم وتوحيد الوجدان وبين اللاوعي والإدراك أو أن شئت قُل حالة اللحظة الفارغة والدوار الميتافيزيقي الذي ساوى بين الهدنة والخروج من الملَّة!فهل بعد مأتي الجنجويد في الفاشر سيقبل الشعب الهدنة؟!*