حركة تحرير شرق السودان في ذكراها الثانية: وحدة الرؤية وتجديد العهد للمستقبل

احمد بامنت
الخامس والعشرون من ديسمبر يوم ميلاد حركة ولدت من رحم المظالم والتهميش تشكلت ملامحها علي اخبار الحرب والصراع والنزوح والانتهاكات رسمت ملامحها ورؤيتها وفق حاجة منسوبيها الحاجة للامن والسلام والعدالة وشقت طريقها رغم التضيق تارة والتخوين تارة لتؤكد بذلك انها ولدت لتحيا وهاهي اليوم تحتفل بذكري تاسيها الثاني علي إيقاع الأهازيج وزغاريد النساء، وتحت رايات كُتب عليها «تحدي – صمود – فداء»، تحرّك موكب جماهيري حاشد من مكاتب حركة تحرير شرق السودان بحي مكرام،

في مشهد اختلط فيه الحماس بالرمزية، وجسّد وحدة الصف وتلاحم القيادة مع القاعدة. أطفال، وشباب، ورجال، ونساء، ساروا نحو هدف يتعدي الاحتفال بذكري التاسيس فحسب بل ليحمل معه رسائل اكثر عمق ودلالة … رسالة تحمل في طياتها قضية شرق السودان بصورة خاصة والوطن بصورة اعم واشمل ،رسالة تؤكدا ان قضية شرق السودان لم تعد حكراً على جيل أو فئة، بل صارت مشروعاً جامعاً تتوارثه الأجيال ورسالة اخري تؤكدا بان حركة الوعي والتنويري تمضي نحو غاياتها ولم تعد هنالك مكونات تنقاد كل تلك الرسائل برزت بوضوح في هذا اليوم الذي رسم وتم الاعداد له بعناية ودقة ليخرج بصورة تؤكدا قدرة الشباب علي القيادة والابتكار .
بهذا ارادت قيادة حركة تحرير شرف السودان ان تحيي ذكري تاسيها الثاني والذي ياتي في سياق بالغ التعقيد تتقاطع فيه تداعيات الحرب مع تراكم المظالم التاريخية، وحالة الاستقطاب السياسي الحاد التي تعيشها البلاد. غير أن الذكرى تجاوزت كونها مناسبة تنظيمية، لتتحول إلى منصة سياسية واجتماعية جامعة، حملت رسائل واضحة حول وحدة الصف، وضرورة تجاوز أثقال الماضي، واستشراف مستقبل يقوم على السلام العادل والتنمية المتوازنة وذلك طبقا لشعار الاحتفال ((نوحد رؤانا لنتجاوز الماضي ونمهد الطريق للاجيال ))
وقد شهد الاحتفال حضوراً جماهيرياً لافتاً، عكس حجم الالتفاف الشعبي حول قضايا شرق السودان، وأكد أن الحركة باتت رقماً فاعلاً في معادلة الفعل السياسي والاجتماعي بالإقليم. وقد تجلت معاني وقيم شعار الذكرى في الكلمات والمواقف التي شددت على التضحية، وتجديد العزم للمضي قدماً بثبات أكبر نحو تحقيق تطلعات الأجيال القادمة. وفي كلمته عبّر الأستاذ صلاح الدين نافع، ممثل اللجنة العليا للاحتفال، عن تقديره للحضور الواسع، مؤكداً أن وحدة الصف تمثل الطريق الوحيد لبناء المستقبل، وأن الذكرى تستدعي الوقوف عند التضحيات وتعزيز التماسك الداخلي، موجهاً الشكر للجان المنظمة على حسن الإعداد وروعة التنظيم.
وجاءت كلمة الامين السياسي للحركة للتؤكد ان لهذه الحركة رؤية متقدمة وحلول لاشكاليات ومظالم حقيقة فكانت كلمة الشاب خالد محمد عثمان الامين السياسي وافية وشاملة اجمل من خلالها كل قضايا شرق السودان وازمة الدولة السودانية والمتمثلة في المركزية القابضة، وعدد حجم المظالم التاريخية والتهميش الممنهج للشرق وانسانه وهو الدافع والمحرك وراء وجود الحركة التي وصفها بانها حركة سياسية وعسكرية واجتماعية جاءت لصون حماية الشرق وانسانه ،

من جانبه، بعث الفريق شيبة ضرار برسائل سياسية قوية، دعا فيها الحكومة إلى الإصغاء لصوت الجماهير المحتشدة، مؤكداً أن قيادات وأبناء الشرق يمتلكون من الكفاءة والقدرة ما يؤهلهم ليس فقط لقيادة الإقليم، بل للإسهام في قيادة أفريقيا، منتقداً سياسة استجلاب قيادات من خارج الإقليم، ومطالباً بتمكين أبناء الشرق من إدارة شؤونهم بأنفسهم.
وفي ذات السياق، شدد محجوب محمد الدالة ممثل حزب التواصل على أن وحدة القوى السياسية والمجتمعية في الإقليم تمثل حجر الزاوية لأي مشروع وطني حقيقي، داعياً إلى قراءة واعية وعادلة لمطالب الشرق بعيداً عن التهميش والإقصاء.
أما محمد طاهر سليمان بيتاي، فقد وصف الاحتفال بأنه رسالة واضحة للسلام والوحدة، مجدداً رفضه القاطع لأي شكل من أشكال التدخلات الخارجية، ومنتقداً الجهات التي تسعى إلى شيطنة حركات شرق السودان، مؤكداً أن قضايا الإقليم عادلة ومشروعة.
وأكد محمد صالح، ممثل الجبهة الوطنية لشرق السودان، ضرورة توحيد الصف وتماسك أهل الشرق، مشدداً على أن لهم حقوقاً أصيلة يجب أن تُصان وتُحمى، بينما تناول محمد صالح عابد، رئيس حزب الأسود الحرة، قضايا الإقليم وهنأ قيادة الحركة بذكرى تأسيسها الثانية، داعياً إلى مزيد من التنسيق والعمل المشترك.
وفي قراءة تاريخية للحراك السياسي، استعرض موسى محمد أحمد، رئيس مؤتمر البجا، مسيرة نضال أهل الشرق التي بدأت قبل الاستقلال، مروراً بتجارب العمل السياسي والمسلح، مؤكداً الالتزام بالعمل المشترك من أجل قضايا الإقليم باعتبارها قضية وطنية بامتياز.
من جهته، أوضح القائد إبراهيم عبدالله دنيا أن حركة تحرير شرق السودان جاءت استجابة لتطلعات أهل الإقليم، رغم ولادتها في ظل أوضاع شديدة التعقيد فرضتها الحرب وأسوأ أزمة إنسانية عرفتها البلاد، إلى جانب التهميش المزمن. وأكد أن الحركة ماضية في طريقها رغم التضييق، لحماية وصون حقوق شعب الشرق، محذراً من الجهات التي تتربص بالإقليم وتسعى للطمع في سواحله وخيراته، ومشيراً إلى أن قوات الحركة وحلفاءها على أهبة الاستعداد للدفاع عن الأرض والحقوق.
وعكس المستوى العالي للترتيب والتنظيم نضجاً ملحوظاً في الأداء المؤسسي للحركة، حيث توزعت الأدوار بانضباط، وسارت الفعاليات وفق برنامج محكم، ما أضفى على المناسبة طابعاً يليق بثقلها السياسي والرمزي، وأكد أن الحركة لا تكتفي برفع الشعارات، بل تمضي بخطى واثقة نحو ترسيخ ثقافة العمل المنظم.
واختُتم الاحتفال بالتوقيع على ميثاق شرف بين أحزاب وحركات شرق السودان، في خطوة وُصفت بأنها تطور نوعي يعكس إرادة جادة لتوحيد المواقف وبناء مشروع سياسي جامع، يؤسس لمرحلة جديدة قوامها السلام، والتنمية، وصون الحقوق.
بهذا، أكدت الذكرى الثانية لتأسيس حركة تحرير شرق السودان أن الإقليم حاضر بقوة في المشهد الوطني، وأن وحدة قواه وتماسكها باتت خياراً استراتيجياً لا غنى عنه لعبور تحديات الحاضر وبناء مستقبل أكثر عدلاً واستقراراً.