الشعب السوداني افرازات الحرب وتدابيرها وصراع تجارها وخطرهم
ام درمان: محمد عبدالله الشيخ
الحرب الدائرة في السودان كان لها افرازات وتجليات عديدة في واقع سلوك المواطن السوداني أخرجت أقبح وأسوأ مافي بعض الناس بل ومجتمعات بكاملها واخرجت درر من القيم الأخلاق والسلوكيات السمحة في المواطن والمجتمع السوداني جولة كبيرة ومراقبة لعدة ايام قمت بها لمتابعة افرازات أزمة انقطاع التيار الكهربائي والمياه في مدينة ام درمان امتدت الازمة لاحدي عشر يوما واجه المواطنون فيها صعوبات جمة في الحصول علي ماء الشرب وشحن هواتفهم التي أصبحت جزء هام في حياة كل مواطن لارتباطها بالمعاملات المالية والتحويلات عبر التطبيقات علاوة علي أهميتها في التواصل بين الأسر وافرادها وارحامها
أزمة الماء: واجه الناس مشكلة كبيرة وصعوبة في الحصول علي وهنا فتحت شهية تجار الازمات وشرهت فبدوا في جلب الماء علي عربات الكارو والتكتك يغالون ويبالقون في أسعارها أحدهم قال لي ان جركانة الماء بقيمة الفان وخمسمائة جنية وآخر يعرض علي المواطنين المصطفين للوضو قارورة الماء اثين لتر بمبلغ الف جنيه والمواطن صاحب القدرة والاستطاعة المالية يشتري دون ان يبدي اعتراض وهنا استشعر اهل القلوب الرحيمة والضمائر الحية واجبهم فتحركوا بسيارتهم لسقي الجيران دون مقابل يوقف الواحد منهم سيارته (خاصة ضباط القوات النظامية)
في باحة الحي والحارة ويأخذ كل مواطن حاجتة وتأخذ أسرة صاحبة العربة نصيبها مثلها ومثل بقية الأسر في مشهد ينتشر ويتكرر اكثر من مرة في اليوم الواحد وتحركت ايضا محلية كرري وعربات الإدارة الهندسية بصهاريجها وانتشرت تسقي المواطنين وفتح اصحاب الآبار منازلهم لسقي الناس فوجهوا هزيمة كبيرة لتجار الازمات وعبر مواطنو ام درمان أزمة المياه بتضامن وروح ايثار هزمت مفتعلو الازمات وتجارها
شحن الموبايل : لم يجد مواطنو ام درمان في شارع الوادي ناحية مطعم وهايبر ماركت بردايس معاناة في الحصول علي الكهرباء لشحن هواتفهم فقد كان اصحاب المحل علي قدر عالي من المرؤة والتعاون وتحملوا ازدحام عشرات بل مئات الأشخاص واحتشادهم المعيق لحركة الزبائن وامتدت وصلات الكهرباء بتعاون وروح طيبة كشفت عن خير لا يزال موجود في هذا مافعله اصحاب هايبر ماركت برادايس وان كانوا هم الاشهر فعله كثيرون من اصحاب المنازل والمحلات التجارية الذين لديهم مصادر للطاقة الكهربائية كانت مستشفي الرومي مكان لتجمع مئات الأشخاص خصص لهم جزء كبير من الطابق الأرضي للمشفي وفصل فيه الرجال تماما عن السيدات كل في ناحية بمتابعة من رجال الشرطة بحراسة ومراقبة المكان هكذا ايضا فابلي بيرقر بشارع الواحد وعشرين بالثورة وصاحب محل خدمات المناسبات بجوارهم إذ افسحوا للمواطنين
وتحملوا تواجدهم أمام المحلات حتي نهاية دوام العمل وفي ذات الشارع يتعامل صاحب احد المخابز مع المواطنين بطيب خاطر لشحن يتكرر المشهد في كل شارع وكل حارة لنجد صاحب مخبز درة الواحة بالحارة( ٢٠) (عبدالعظيم محمد عبد العظيم )بعد ان يمتلي المخبز بالداخل تنتشر وصلات الكهرباء خارج بهو المخبز ليشحن المواطنون هواتفهم هذه فقط أمثلة محفزة لسلوكيات وتعاملات حميدة للشعب السوداني وتغلبه علي لازمات والعبور فوقها لكن هنالك من ضعاف النفوس ممن يستغلون هذه المشاهد بافظع الطرق وتحت تهديد السلاح استهدفت مجموعات من المجرمين علي الدرجات النارية مكان أو اثنين في مناطق قليلة الحركة وقاموا بسرقة اكثر من سبعين هاتف جوال في أحدها وثلاثون جوال في منطقة اخري صاحب احد المحلات بوتيك استغل الازمة للكسب خلاف ما سلك الآخرين وكان يشترط دفع الف جنيه لشحن الجوال وان يأتي صاحب الجوال بوصلة الكهرباء(مشترك) دون أي مسؤلية له حال فقدان الجوال
أزمة النقود (الكاش)كان لإجراء استبدال العملة الخطوة التي اتخذتها الحكومة للحفاظ علي قيمة الجنية السوداني وقوته أمام ما يتهدده من تزوير وتسرب لعملات نتيجة نهب المليشيا افرازات ربوية خطيرة في الكثير من مدن البلاد المستهدفة بتغيير فئتي الالف والخمسمائة جنيه تشهد المصارف صفوف طويلة في المدن والولايات بسبب ندرة النقد ويضطر البعض للخروج في ساعات الصباح الاولي من أجل التمكن من الحصول علي الكاش كما افاد الشاب محمد محي الدين حسن يسكن ام درمان الواحة انه وصل في الرابعة والنصف صباحا لبنك الخرطوم وجد عدد كبير من المواطنين مصطفين للحصول تذكرة لإجراء معاملاتهم بالبنك وقد حصل علي تذكرة بالرقم (٨٢) وبقي في الانتظار وبعد الساعة الواحدة ظهرا رات احد المواطنات التي خلصت معاملتها حال الإرهاق البادي علية وتفضلت بمنحه تذكرة بالرقم (٢٧) ولما جاء دوه بالدخول لإجراء معاملته فاذا برجل الشرطة الذي يؤمن الدخول اوقفه ومنعه الدخول بحجة ان شعره كثيف وفشلت توسلات محمد في اقناع رجل الشرطة بالدخول فما كان منه الا ان مزق تذكرة الدخول وغادر بعد ساعات طوال من الوقوف بلا فائدة ولمزيد من التقصي تواصلت عبر الهاتف مع معارف في ولايات القضارف وكسلا ومدينة الدندر وعطبرة بنهر النيل فابدوا أسف وحسرة علي الجشع وانتشار الربي بشكل مخيف دون واعز ولا كابح فقد قال لي أحدهم بكسلا ان تحويل او قبول اي مبلغ مالي من بنكك لتعطي صاحبه كاش ياخذ صاحب المعاملة نسبة ٢٠% وكان نفس الكلام من محدثي من القضارف مع اختلاف في سعر البيع والشراء بين النقد وبنكك او اي تطبيق بنكي فوري وغيره ولم يكن الاختلاف كبيرا بين القضارف وكسلا في ذات السلوك ربما تكون هنالك صعوبة حتي في الحصول رقم رضا العميل بالخصم اما عطبرة فكانت اكثر رحمة إذ تتراوح العمولة مابين ٥ الي ١٠% اما في الدندر كان الموضوع اكبر واخطر الأستاذة مها عثمان استدعت صاحب كارو لشراء برميل ماء وبادر ليسالها ان كان معها مبلغ نقدي او بنكك فهالها السؤال وارادت ان تعرف الفرق وبدون أي حرج قال صاحب الكارو ان برميل الماء بالكاش بمبلغ ثلاثة الف وخمسمائة وعبر بنكك بمبلغ خمسة الف ولما احتجت اخبرها ان هذا سلوك اصبح سائد في كل المعاملات وقالت الأستاذة مها انها تأكدت من صدق حديث بائع الماء حين ذهابها للسوق لشراء أواني وأغراض منزلية فوجدت قطعة من الأواني بسعر ١٢ الف جنية بالنقد وسعر ١٨ الف عبر تطبيق بنكك واقبل الناس علي شراء محاصيل بعينها بالنقد خاصة حب البطيخ ((التسالي ))وبيعها عبر التطبيقات بفارق خمسون الف جنيه للجوال هذا الأمر يبدو اكثر تفشيا ووضوحا في الدمازين مع توفر نسبي للسيولة إلاّ ان امر الشراء والبيع بسعرين للسلع نقدا وعبر التطبيقات مما حدا بالبعض يطلبون فتوي شرعية لجواز او حرمة هذه المعاملات هكذا مفارقات في السلوك والممارسات نتيجة افرازات الحرب وتبعاتها تخرج أجمل ما في المجتمع وأسوأ مافيه في صراع بين القيم السمحة وجموح الطامعين من تجار الازمات